حتى ملك الدنيا كلها. فهل يقول مؤمن عاقل أنه بهذا التمكين العظيم يكون أعز على الله -تعالى- وأكرم من محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ كلا، لا يقول هذا مؤمن. فنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - أشرف بني آدم وأعزهم وأكرمهم على الله -تعالى-، فليس منهم أحد يساويه فضلا عن أن يفوقه.
الوجه الرابع: أن يقال: إن الله -تعالى- قال في كتابه العزيز:{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}، وقال -تعالى-: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا}. ولا شك أن المهدي من هؤلاء الذين وعدهم الله بالنصر والتمكين؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر عنه أنه يعمل بالسنة وينشر القسط والعدل ويزيل الجور والظلم، فنصر المهدي وتمكينه نصر للشريعة المحمدية وتمكين لها وإظهار لعزها وشرفها، وهذا في الحقيقة من إظهار العز والشرف لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حيث قيَّض الله لدينه من يجدده ويؤيده بعد اندراسه في آخر الزمان، كما قد حصل مثل ذلك في زمن الخلفاء الراشدين، ولا يستنكر هذا إلا من هو جاهل أو مكابر.
وقد روى مسلم في صحيحه عن ثوبان -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها». فدل هذا على أن كل فتح ونصر وتمكين حصل للأمة فهو مما أكرم الله به نبيه - صلى الله عليه وسلم - وأعز به دينه.
وأما قول ابن محمود: أو الجن تسخر له كما سخرت لداود.