للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لبعضها في أول الكتاب فليراجع (١)، وقد ردَّ غير واحد من المتأخرين على ابن خلدون، وخطؤوه فيما ذهب إليه من تضعيف بعض الأحاديث الثابتة في المهدي، وقد ذكرت ردودهم عليه في أثناء الكتاب، فلتراجع في موضعها (٢).

الوجه الثالث: أن يقال: إن ابن خلدون لم يحكم على أحاديث المهدي كلها بالضعف كما زعم ذلك ابن محمود، وإنما حكم على أكثرها كما صرح بذلك في مقدمته حيث قال بعد سياقه لأحاديث المهدي ما نصه: "فهذه جملة الأحاديث التي خرجها الأئمة في شأن المهدي وخروجه آخر الزمان، وهي كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلا القليل أو الأقل منه". انتهى.

الوجه الرابع: أن يقال: ظاهر كلام ابن محمود بل صريحه أن ابن خلدون هو أول من تكلم في نقد أحاديث المهدي، وأن العلماء الذين كانوا قبل زمان ابن خلدون لم يتعرضوا لأحاديث المهدي بالنقد وبيان الصحيح منها من الضعيف، وهذا خلاف الواقع، وقد ذكرت كلام المحققين في تصحيح بعض أحاديث المهدي وتضعيف بعضها في أول الكتاب فليراجع (٣)، ففيه أبلغ رد على ابن محمود حيث أوهم بكلامه أن ابن خلدون هو أول من توسع في تضعيف أحاديث المهدي، ولم يقتصر على تضعيف الأحاديث الضعيفة، بل تجاوز ذلك إلى تضعيف بعض الصحاح والحسان، ولم يستثن منها من النقد إلا القليل أو الأقل منه، وبهذا فتح الباب لرشيد رضا ومحمد فريد وجدي وأحمد أمين وغيرهم من العصريين الذين تهجموا على أحاديث المهدي وقابلوها كلها بالرد والإطراح، ولم يفرقوا بين الثابت منها وغير الثابت، وقد قلدهم ابن محمود في هذا العمل السيئ، وزاد عليهم حتى خرج عن حد المعقول إلى غير المعقول، فزعم أن أحاديث المهدي كلها مختلقة ومكذوبة ومصنوعة وموضوعة ومزورة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليست من كلامه، وأنها أحاديث خرافة، وأنها نظرية خرافية، وأنها بمثابة حديث ألف ليلة وليلة، وأن انتظار خروج المهدي من الركون إلى الخيال والمحالات، والاستسلام للأوهام والخرافات، هكذا زعم وجازف واستهان بأقوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخباره الصادقة عن ...........................................................


(١) ص ٤١ - ٤٣.
(٢) ص ١٤٢ - ١٤٤.
(٣) ص ٤١ - ٤٢.

<<  <   >  >>