يزال هذا الدين قائمًا حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة» ينبغي أن يحمل على الواقع الملموس والمشاهد بالأسماع والأبصار، وذلك في حملة على حكام المسلمين الذين كانوا في القرون الثلاثة المفضلة، والذين قام بهم أمر الدنيا والدين وجماعة المسلمين؛ وهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، ومعاوية بن أبي سفيان، ثم عبد الملك بن مروان، ثم ابنه الوليد بن عبد الملك، ثم سليمان بن عبد الملك، ثم عمر بن عبد العزيز، ثم يزيد بن عبد الملك، ثم هشام بن عبد الملك، ثم يزيد بن الوليد، ومن بعده إلى مروان بن محمد. ثم انتقلت الإمامة إلى بني العباس؛ ومنهم المنصور، ثم ابنه المهدي، ثم هارون الرشيد، إلى من بعدهم ممن استقام بهم أمر الدنيا والدين وجماعة المسلمين. ومن بعد هؤلاء عماد الدين زنكي، ونور الدين محمود الشهيد، وصلاح الدين الأيوبي. فلا ينبغي أن نبخس هؤلاء حقهم، أو ننسى محاسنهم، أو نجحد عموم عدلهم، الذي طبق مشارق الأرض ومغاربها، ثم نحمله على المهدي الذي لا يخرج بزعمهم إلا زمن عيسى ابن مريم، وهو مجهول في عالم الغيب ... إلى أن قال: فمتى قلنا إن الاثني عشر خليفة الذين استقام بهم الدين لن يخرجوا عن هؤلاء الأئمة الذين أعز الله بهم الدين، وجمع بهم شمل المسلمين، لم نكن آثمين، بدلا من أن نحيل إلى تسميته بالمهدي ثم نجعله خيالا غيبيًا يوجد في الأذهان دون الأعيان، إذ هذا من التخرص والظنون والقول على الله وعلى رسوله بغير حق".
والجواب: أن يقال: قد ذكر العلماء وجوهًا كثيرة في معنى حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنهما- ومن أحسنها كلام الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية"، وقد ذكر فيه عن بعض الناس أنهم قالوا في حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنهما- إن فيه بشارة بوجود اثني عشر خليفة عادلا من قريش، وإن لم يوجدوا على الولاء، وإن المهدي المبشر بوجوده في آخر الزمان منهم، وقد ذكرت كلام ابن كثير مع الجواب عن اعتراض ابن محمود على السفاريني لمِا قال في عقيدته:
منها الإمام الخاتم الفصيح ... محمد المهدي والمسيح
فليراجع (١)، ولعل أبا داود كان يقول بهذا القول الذي ذكره ابن كثير، ولأجل .......