ويقال أيضًا: قد تقدم (١) ما ذكره ابن كثير عن بعض الناس أنهم قالوا في حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنهما- إن فيه بشارة بوجود اثني عشر خليفة عادلا كلهم من قريش، وإن لم يوجدوا على الولاء، وإن المهدي المبشر بوجوده في آخر الزمان منهم، وقد جزم بهذا القول في تفسيره لسورة المائدة لما تكلم على هذه الآية {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} الآية، وذكر ما رواه الإمام أحمد عن مسروق قال:"كنا جلوسًا عند عبد الله بن مسعود وهو يقرئنا القرآن، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، هل سألتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كم يملك هذه الأمة من خليفة؟ فقال عبد الله بن مسعود: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك، ثم قال: نعم، ولقد سألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:«اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل» ". في إسناده مجالد بن سعيد، وثقة النسائي في رواية، وضعفه الجمهور، وحسن بعضهم حديثه، وقال ابن كثير بعد إيراده:"هذا حديث غريب من هذا الوجه، قال: وأصل هذا الحديث ثابت في الصحيحين من حديث جابر بن سمرة، وذكر الحديث ثم قال: ومعنى هذا الحديث البشارة بوجود اثني عشر خليفة صالحًا، يقيم الحق ويعدل فيهم، ولا يلزم من هذا تواليهم وتتابع أيامهم، بل قد وجد منهم أربعة على نسق، وهم الخلفاء الأربعة؛ أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي -رضي الله عنهم-، ومنهم عمر بن عبد العزيز بلا شك عند الأئمة، وبعض بني العباس، ولا تقوم الساعة حتى تكون ولا يتهم لا محالة، والظاهر أن منهم المهدي المبشر به في الأحاديث الواردة بذكره، فذكر أنه يواطئ اسمه اسم النبي - صلى الله عليه وسلم -، واسم أبيه اسم أبيه، فيملأ الأرض عدلا وقسطًا كما ملئت جورًا وظلمًا، وليس هذا بالمنتظر الذي تتوهم الرافضة وجوده، ثم ظهوره من سرداب سامراء، فإن ذلك ليس له حقيقة ولا وجود بالكلية، بل هو من هوس العقول السخيفة، وتوهم الخيالات الضعيفة، وليس المراد بهؤلاء الاثني عشر، الأئمة الاثني عشر الذين تعتقد فيهم الاثنا عشرية من الروافض لجهلهم وقلة عقلهم، وفي التوراة البشارة بإسماعيل -عليه السلام- وأن الله يقيم من صلبه اثني عشر عظيمًا، وهم هؤلاء الخلفاء الاثنا عشر المذكورون في حديث ابن مسعود وجابر بن سمرة". انتهى كلام ابن كثير -رحمه الله تعالى-.