لشيخ الإسلام ابن تيمية كلامًا ينكر فيه حديث أبدال الشام ورايات العراق، ويقول إنه لا صحة له ... إلى أن قال: فكم من رجل من قريش تولى الحكم على الناس، وألقى الإسلام بجرانه في زمانه، وأجمعت عليهم كلمته، واستفادوا في زمانه بالإيمان والأمان وزيادة الاطمئنان، ثم نشر العدل في جميع الأوطان، ومكث في ولايته سنين طويلة دون أن يسمى المهدي، أما هذا الرجل الذي لا يمكث في ولايته على الناس إلا سبع سنين فإنه فيء زائل، وكيف يملأ الأرض عدلا في سبع سنين وقد ملئت جورًا وكفرًا؟! فهل يغزو الناس بالأحلام في المنامات، أو يغزو الناس بالملائكة أو بالجن؟! وهل هذا الرجل أفضل من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الذي جادل وجاهد وصبر على اللأواء والضنك والشدة، وأوذي في الله وشج رأسه وكسرت رباعيته، ومشي على طريق السنن المعتادة واستقام على ذلك ثلاثًا وعشرين سنة، ولم يتمكن من ملء الأرض عدلا إلا في الجزيرة العربية التي هي بمثابة النقطة بالنسبة إلى سعة الدنيا؟ ومتى صدقنا بهذا الحديث فإننا نكون ممن يفضل هذا الرجل على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، مع العلم أنه لم يذكر اسم المهدي فيه فسقط الاستدلال به؛ إذ الرجل مبهم، وتعيين شخص معين هو حكم بغير علم؛ إذ هذا يعود إلى علم الغيب".
والجواب: أن يقال: إن ابن محمود قد غير في الحديث وزاد فيه كلمة من عنده، فأما التغيير ففي قوله: فخسف بهم البيداء، وصوابه «فيخسف بهم بالبيداء»، وأما الكلمة التي زادها فهي قوله: أو قال بيعة كلب، وهذه الكلمة ليست في الحديث، وقال أيضًا: ويعمل في الناس بسنة نبيه، ولفظه عند أحمد وأبي داود وأبي يعلي وابن حبان:«ويعمل في الناس بسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم -».
وأما قوله: إن هذا الحديث ليس بصحيح.
فجوابه: أن يقال: هلا ذكر ابن محمود العلة القادحة في سنده، حتى ينظر في كلامه هل هو صحيح أم لا؟! فأما القدح فيه بمجرد الدعوى فذلك مردود عليه.
ويقال أيضًا: إن أبا داود قد سكت عليه، وقد قال في رسالة إلى أهل مكة: "وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالح، وبعضها أصح من بعض"، وسكت عليه المنذري في تهذيبه، ولو كان فيه علة لذكرها، وقد رواه ابن حبان في صحيحه، والطبراني في الأوسط مختصرًا، قال الهيثمي: "ورجاله رجال الصحيح"، وقد أقره الحافظان؛ زين الدين ......................