وأما قوله: وهذه الأحاديث هي التي يزعم المتعصبون لصحة خروج المهدي بأنها صحيحة ومتواترة بالمعنى، وهي لا صحيحة ولا صريحة ولا متواترة.
فجوابه: أن يقال: إن الأحاديث التي أشار إليها ابن محمود بالأرقام وأنهاها إلى عشرة وهي في الحقيقة تسعة تنقسم إلى صحيح وحسن وضعيف، فأما الصحيح منها فهي ثلاثة أحاديث؛ أولها حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنهما- في ذكر الخلفاء الاثني عشر، وهو في الصحيحين، ومسند الإمام أحمد، وجامع الترمذي، وقال الترمذي:"حسن صحيح"، ومع هذا فقد زعم ابن محمود أنه من الأحاديث التي ليست بصحيحة، وهذه المكابرة نموذج من تحقيقه الذي زعم أنه تحقيق معتبر وأنه لا مزيد عليه. ثانيها حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- الذي أوله:«لو لم يبق من الدنيا إلا يوم» الحديث، وقد رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن حبان بأسانيد صحيحة، وقال الترمذي:"حسن صحيح"، ومع هذا فقد زعم ابن محمود أنه ليس بصحيح، وهذا أيضًا من مكابراته. ثالثها حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- الذي أوله:«لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي أجلى أقنى» الحديث، وقد رواه الإمام أحمد بأسانيد صحيحة، بعضها على شرط الشيخين وبعضها على شرط مسلم، ورواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، وقال:"صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي في تلخيصه، والرواية التي فيها:«أجلى أقنى» من روايات أحمد، وإسنادها صحيح على شرط مسلم، ومع هذا فقد زعم ابن محمود أنه ليس بصحيح وهذا أيضًا من مكابراته.
وأما الحسن منها فهي ثلاثة أحاديث؛ أولها حديث أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:«المهدي من عترتي من ولد فاطمة»، رواه أبو داود، وابن ماجة، والحاكم في مستدركه، وقد أورده السيوطي في الجامع الصغير ورمز له بالصحة، وقال العزيزي في "السراج المنير، شرح الجامع الصغير": "إسناده حسن". ثانيها حديث أم سلمة -رضي الله عنها- الذي أوله:«يكون اختلاف عند موت خليفة» الحديث، رواه الإمام أحمد، وأبو داود، وابن حبان في صحيحه، والطبراني في الأوسط، قال الهيثمي:"ورجاله رجال الصحيح"، وقال ابن القيم في "المنار المنيف": "والحديث حسن، ومثله مما يجوز أن يقال فيه صحيح". ثالثها حديث علي -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة» رواه الإمام أحمد، وابن ماجة، وإسناد كل منهما حسن.