الوجه السادس: أن يقال: قد أخبر الله -تعالى- أن فتح يأجوج ومأجوج إنما يكون عند اقتراب الساعة، فقال -تعالى-: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ}، وفي قوله:{وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} أوضح دليل على أن خروج يأجوج ومأجوج إنما يكون عند اقتراب الساعة، ويدل على ذلك ما أخبر الله به عن ذي القرنين أنه لما أتم بناء السد {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا}، قال الله -تعالى-: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا}، قال السدي في قول الله -تعالى-: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} قال: "ذاك حين يخرجون على الناس"، قال ابن كثير:"وهذا كله قبل يوم القيامة وبعد الدجال". انتهى.
الوجه السابع: أن يقال: قد جاء في حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أن الله -تعالى- عهد إلى عيسى ابن مريم -عليه الصلاة والسلام- أنه بعد خروج يأجوج ومأجوج وهلاكهم فإن الساعة كالحامل المُتم لا يدري أهلها متى تفاجئهم بولادها ليلا أو نهارًا، وهذا يدل على أن خروجهم إنما يكون إذا دنا قيام الساعة، وقد روى ابن جرير عن حذيفة -رضي الله عنه- أنه قال:«لو أن رجلا افتلى فلوًا بعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتى تقوم الساعة»، ويشهد له ما رواه ابن أبي شيبة عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، فما بعد الدجال؟ قال:«عيسى ابن مريم»، قلت: فما بعد عيسى ابن مريم؟ قال:«لو أن رجلا أنتج فرسًا لم يركب مهرها حتى تقوم الساعة»، وفي هذا أبلغ رد على من زعم أن يأجوج ومأجوج قد خرجوا، وأنهم أمم الكفار على اختلاف أجناسهم وأوطانهم، وأن أول ظهورهم على المسلمين كان في غزوة مؤتة، فكل هذا من التوهمات والتخرصات، وقد ذكرت من الآيات والأحاديث ما فيه كفاية لرد هذا القول الباطل وبيان بطلانه.
الوجه الثامن: أن يقال: قد جاء في حديث ابن حرملة عن خالته أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن المسلمين لا يزالون يقاتلون عدوًا حتى يخرج يأجوج ومأجوج، وقد تقدم هذا الحديث قريبًا (١)، وروى الإمام أحمد وابن سعد، والبخاري في تاريخه، والنسائي والطبراني، عن سلمة بن نفيل الكندي -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«لا تضع الحرب أوزارها حتى يخرج يأجوج ومأجوج»، وفي هذا الحديث وما قبله أبلغ رد على من زعم أن يأجوج ومأجوج ما هم إلا أمم الكفار على اختلاف أجناسهم .................................