سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنته بحال، وهذا الزعم باطل مردود بما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في سيرة المهدي وصفته، وقد ذكرت الأحاديث في ذلك في أول الكتاب، فلتراجع (١).
ومن ذلك قوله في صفحة (٢٥): "فكيف يسوغ لمسلم أن يصدق به – أي بالمهدي– والقرائن والشواهد تكذب به".
وأقول: لا يخفى ما في هذه الجملة من معارضة الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المهدي والاستخفاف بها، وكيف يسوغ لمسلم يؤمن بالله ورسوله أن يعارض الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وينبذها وراء ظهره؟ أما يخشى من فعل هذا أن يصاب بالفتنة أو بالعذاب الأليم؟!
ومن ذلك قوله في صفحة (٢٥): "وما هذا التهالك في محبته- أي محبة المهدي- والدعوة إلى الإيمان به؟! وهو رجل من بني آدم ليس بملك مقرب ولا نبي مرسل، ولا يأتي بدين جديد من ربه مما يوجب الإيمان به"، وهذا كلام باطل مستهجن وقد تقدم الرد عليه في مواضع من هذا الكتاب.
ومن ذلك قوله في صفحة (٢٦): "محاربة علماء الأمصار لاعتقاد ظهور المهدي".
وأقول: لا يخفى ما في هذه الجملة من الإيهام والمجازفة؛ لأن علماء الأمصار قديمًا وحديثًا كانوا يؤمنون بما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المهدي ويقابلون أقوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقبول والتسليم، وإنما شذ عنهم أفراد قليلون من العصريين المتكلفين الذين هم سلف ابن محمود وقدوته في رد الأحاديث الثابتة في المهدي وقلة المبالاة بها، ولا عبرة بهؤلاء لشذوذهم ومخالفتهم لما عليه أهل السنة والجماعة.
ومن ذلك زعمه في صفحة (٢٦) أن علماء الأمصار- يعني العصريين- متى طرقوا بحثًا من البحوث العلمية التي يقع فيها الجدال فإنهم يشبعون البحث تحقيقًا وتدقيقًا وتمحيصا وتصحيحًا حتى يجعلوه جليًا للعيان وصحيحًا بالدلائل والبرهان.
وأقول: لا يخفى ما في هذه الجملة من المبالغة في مدح العصريين ووصفهم بما لا ينطبق عليهم.