وفي صفحة (٣١) استدل على إنكار خروج المهدي بأنه لم يذكر في القرآن ولا في صحيح البخاري ومسلم، وهذا الاستدلال باطل، وهو مما قلد فيه رشيد رضا وأحمد أمين والمستشرق دونلدسن، وقد تقدم الجواب عنه في أثناء الكتاب فليراجع (١).
ومن ذلك زعمه في صفحة (٣١) أن أحاديث المهدي بمثابة حديث ألف ليلة وليلة، وكلها متخالفة ومضطربة ينقض بعضها بعضًا، وهذا من أقبح المجازفات والمكابرات، وكيف يستجيز المسلم أن يجعل الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثابة حديث ألف ليلة وليلة، التي هي أو غالبها قصص خيالية مكذوبة؟! أما يخشى ابن محمود أن يصاب بالفتنة أو بالعذاب الأليم على استخفافه بأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخباره الصادقة؟!
ومن ذلك زعمه في صفحة (٣١) أنه لم يكن من هدي رسول الله ولا من شرعه أن يحيل أمته على التصديق برجل في عالم الغيب، وهو من أهل الدنيا ومن بني آدم، وهذا خطأ مردود بما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أخبر عن رجال كثيرون ممن مضى من الأنبياء وغيرهم، وأخبر عن رجال كثيرين يكونون في آخر الزمان؛ ومنهم نبي الله عيسى -عليه الصلاة والسلام- ومنهم المهدي، والقحطاني، والجهجاه، والخليفة الذي يحثو المال حثوًا، والدجال، ويأجوج ومأجوج، والمؤمن الذي يقتله الدجال ثم يحييه، فمن لم يصدق بخروج هؤلاء في آخر الزمان فلا شك أنه فاسد العقيدة.
ومن ذلك استهزاؤه وسخريته بالمهدي، حيث قال في صفحة (٣٢): "وهل هو يؤيد بالخوارق والمعجزات، أو بالأحلام والمنامات؟ وهل تنزل معه الملائكة تحارب معه، أو الجن تسخر له كما سخرت لداود؟ "
وأقول: إنه لمن المستغرب جدًا مقابلته للأحاديث الواردة في المهدي بالسخرية والاستهزاء، أما فيه دين يحجزه عن الاستخفاف بالأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟! وأقول أيضًا: إن الجن لم تسخر لداود، وإنما سخرت لسليمان، وإذا كان هذا قد خفي على ابن محمود مع أنه مذكور في القرآن، فمن باب أولى أن تخفى عليه الأحاديث الثابتة في المهدي، وأن يتهجم عليها ويقابلها بالسخرية والاستهزاء.
ومن ذلك زعمه في صفحة (٣٢) أنهم يوم أحد دلوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في حفرة ظنوه ميتًا، وهذا غير صحيح.