محمود لهذا الحديث الحسن، وقد ذكرت في الرد عليه أن الشيخ أحمد محمد شاكر قد صحح هذا الحديث في تعليقه على المسند.
ومن ذلك أنه في صفحة (٤٩) ذكر حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا مِنَّي أو من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطًا وعدلا كما ملئت جورا وظلمًا». قال: ورواه أحمد والترمذي، وقال: حسن صحيح، ثم أجاب عنه بقوله:"إن علماء الحديث قد تحاشوا عن كثير من أحاديث أهل البيت كهذه الأحاديث وأمثالها؛ لكون الغلاة قد أكثروا من الأحاديث المكذوبة عليهم، ولهذا تحاشى البخاري ومسلم عن إدخال شيء من أحاديث المهدي في صحيحيهما؛ لكون الغالب عليها الضعف والوضع.
وأقول: هذا حاصل تحقيق ابن محمود لهذا الحديث الصحيح الذي لا مطعن فيه بوجه من الوجوه، ولا يخفى ما في كلامه من التقوُّل على علماء الحديث، حيث زعم أنهم قد تحاشوا عن كثير من أحاديث أهل البيت، والواقع في الحقيقة أنهم لم يتحاشوا عن الروايات الصحيحة عنهم، وإنما كانوا يتحاشون عن الروايات الضعيفة عنهم وعن غيرهم، وأيضًا فإن الحديث الذي أورده ههنا ليس من أحاديث أهل البيت، وإنما هو عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- وليس في أسانيده إلى ابن مسعود -رضي الله عنه- أحد من أهل البيت، فلا وجه إذا للطعن فيه بأن علماء الحديث قد تحاشوا عن كثير من أحاديث أهل البيت، وليس هذا بتحقيق وإنما هو تخليط وتلفيق.
ومن ذلك أنه في صفحة (٥٠) وصفحة (٥١) ذكر حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- الذي فيه:«ولا مهدي إلا عيسى ابن مريم». ثم قال إنه ضعيف عندهم لمخالفته لسائر الأحاديث، قال: "ولا يَقِل عن ضعف سائر الأحاديث المذكورة في المهدي".
وأقول: أما حديث أنس -رضي الله عنه- فهو ضعيف جدًا، وأما سائر أحاديث المهدي ففيها الصحيح والحسن والضعيف، ومن جعل الجميع من باب واحد وحكم عليها كلها بالضعف فقد أخطأ خطأ كبيرًا وقفا ما ليس به علم.
ومن ذلك زعمه في صفحة (٥١) أن علي بن محمد القاري قال في كتابه "الموضوعات الكبير" إن الحديث الذي جاء فيه أن عيسى ابن مريم يصلي خلف المهدي حديث موضوع، وهذا من التقوُّل على القاري.