للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عقائدهم أو لم يذكره، ومن ذلك خروج المهدي في آخر الزمان، وقد ذكرت أقوال العلماء فيما يتعلق بهذه الأمور في أثناء الكتاب، فليراجع ما تقدم (١)، ففيه أبلغ رد على ما توهمه ابن محمود.

ومن ذلك زعمه في صفحة (٥٦) أن غالب الأحاديث التي زعموها صحيحة ومتواترة بالمعنى ما هي إلا حكاية عن أحداث تقع مع أشخاص؛ كرجل هرب من المدينة إلى مكة فيبايع له بين الركن والمقام، ورجل يخرج من رواء النهر فيبايع له، ورجل يخرج بعد موت خليفة، ورجل يخرج اسمه الحارث، ورجل يصلحه الله في ليلة، فهذه كلها ليست من العقائد الدينية كما زعم دعاة المهدي والمتعصبون لصحة خروجه.

وأقول: لا يخفى ما في هذا الكلام الباطل من التلبيس والتشكيك في الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد تقدم الجواب عن هذا التشكيك مرارًا، فليراجع ذلك في أثناء الكتاب (٢).

ومن ذلك زعمه في صفحة (٥٧) أنه يجب طرح فكرة المهدي جانبًا، فعندنا كتاب الله -تعالى- نستغني به عن كل دعيٍّ مفتون، كما أن لدينا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: "وأرجو بهذا البيان أن تستريح نفوس الحائرين، ويعرفوا رأي أهل العلم والدين في هذه المشكلة، التي تثار من آن لآخر".

وأقول: أما زعمه أن القول بخروج المهدي فكرة فذلك مما أخذه تقليدًا عن أحمد أمين، وأما زعمه أنه يجب طرح فطرة المهدي جانبًا فلا يخفى ما فيه من المكابرة والمعارضة لأقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - الثابتة عنه في المهدي، وما كان بهذه المثابة فإنه يجب أن يضرب به عرض الحائط، وأن يرد على قائله كائنًا من كان.

وأما قوله: فعندنا كتاب الله نستغني به عن كل دعي مفتون، كما أن لدينا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

فجوابه: أن يقال: ليس المهدي الذي جاءت بذكره الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأدعياء المفتونين، حاشا وكلا، وإنما هو من الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين الذين يعملون بالسنة ويملئون الأرض قسطًا وعدلا، ولا يضره إنكار من ..............................


(١) ص (٢٧٧ - ٢٧٩).
(٢) ص (٢٧٠ - ٢٧٩).

<<  <   >  >>