[طلب الإمام مالك للعلم وثناء العلماء عليه]
ابتداء طلبه للعلم وثناء العلماء عليه: قال الذهبي: وطلب مالك العلم وهو ابن بضع عشرة سنة، وتأهل للفتيا وجلس للإفادة وله إحدى وعشرون سنة، وحدث عنه جماعة وهو حيي شاب طري، وقصده طلبة العلم من الآفاق في آخر دولة أبي جعفر المنصور وما بعد ذلك، وازدحموا عليه في خلافة الرشيد إلى أن مات.
وعن عبد الله بن المبارك قال: ما رأيت رجلاً ارتفع مثل مالك بن أنس، ليس له كثير صلاة ولا صيام إلا أن تكون له سريرة.
يعني: سريرة صالحة من حب الله عز وجل ومن الإخلاص.
وقال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي من أثبت أصحاب الزهري؟ قال: مالك أثبت في كل شيء.
وقد لمع نجم الإمام مالك في زمن كثرت فيه النجوم.
قال الشافعي: إذا ذكر العلماء فـ مالك النجم.
وعن ابن عيينة قال: مالك عالم الحجاز وهو حجة زمانه.
وقال الذهبي: كان عالم المدينة في زمانه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه زيد بن ثابت وعائشة ثم ابن عمر ثم سعيد بن المسيب ثم الزهري ثم عبيد الله بن عمر ثم مالك.
وقال كذلك: لم يكن بالمدينة عالم بعد التابعين يشبه مالكاً في العلم والفقه والجلادة والحفظ.
فقد كان فيها بعض العلماء مثل: سعيد بن المسيب والقاسم وسالم وعكرمة ونافع ومن في طبقتهم، ثم زيد بن أسلم وابن شهاب وأبي الزناد ويحيى بن سعيد وصفوان بن سليم وربيعة بن أبي عبد الرحمن ومن في طبقتهم، فلما تفانوا اشتهر ذكر مالك بها، وابن أبي ذئب وعبد العزيز بن الماجشون وفليح بن سليمان والدراوردي وأقرانهم، فكان مالك هو المقدم فيهم على الإطلاق، والذي تضرب إليه آباط الإبل من الآفاق.
وقال ابن مهدي: أئمة الناس في زمانهم أربعة: الثوري ومالك والأوزاعي وحماد بن زيد.
وقال: ما رأيت أحداً أعقل من مالك.
قال الواقدي: كان مالك يجلس في منزله على ضجاع ونمارق مطروحة يمنة ويسرة في سائر البيت لمن يأتي.
وكان مجلسه مجلس وقار وحلم، وكان مهيباً نبيلاً ليس في مجلسه شيء من المراء واللغط، وكان الغرباء يسألونه عن الحديث بعد الحديث، وربما أذن لبعضهم فقرأ عليه، وكان له كاتب يقال له: حبيب قد نسخ كتبه ويقرأ للجماعة، فإذا أخطأ فتح عليه مالك وكان ذلك قليلاً.
وعن بقية قال: ما بقي على وجه الأرض أعلم بسنة ماضية منك يا مالك.