للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عزة نفس الإمام مالك وتوقيره لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم]

عزة نفسه وتوقيره لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: عن ابن أبي أويس قال: كان مالك إذا أراد أن يحدث توضأ وجلس على صدر فراشه، وسرح لحيته، وتمكن في الجلوس بوقار وهيبة، ثم حدث فقيل له في ذلك، قال: أحب أن أعظم حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أحدث به إلا على طهارة متمكناً.

وكان يكره أن يحدث في الطريق وهو قائم أو مستعجل قال: أحب أن أفهم ما يحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعن معن بن عيسى قال: كان مالك بن أنس إذا أراد أن يجلس للحديث اغتسل وتبخر وتطيب، فإذا رفع أحد صوته في مجلسه زجره، قال: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات:٢]، فمن رفع صوته عند حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنما رفع صوته فوق صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعن عمر بن المحبر الرعيني قال: قدم المهدي إلى المدينة فبعث إلى مالك فأتاه، فقال لولديه هارون وموسى: اسمعا منه، فبعثا إليه فلم يجبهما، فأعلما المهدي فكلمه فقال: يا أمير المؤمنين! العلم يؤتى أهله، فقال: صدق مالك صيرا إليه.

فظن الناس أن الإمام مالك سيذهب إليهما؛ لأنهما أبناء الخليفة، فتوقير الإمام مالك للعلم منعه، وقد كان لهما مؤدب وهو المربي، فقال له مؤدبهما: اقرأ علينا، قال: إن أهل المدينة يقرءون على العالم كما يقرأ الصبيان على المعلم، فإن أخطئوا أفتاهم، فرجعوا إلى المهدي فبعث إلى مالك فكلمه فقال: سمعت ابن شهاب يقول: جمعنا هذا العلم في الروضة من رجال، وهم يا أمير المؤمنين: سعيد بن المسيب وأبو سلمة وعروة والقاسم وسالم وخارجة بن زيد وسليمان بن يسار ونافع وعبد الرحمن بن هرمز، ومن بعدهم: أبو الزناد وربيعة ويحيى بن سعيد وابن شهاب، كل هؤلاء يقرأ عليهم ولا يقرءون.

فقال الخليفة: في هؤلاء قدوة، صيروا إليه فاقرءوا عليه.

ففعلوا.

وعن ابن القاسم قال: قيل لـ مالك: لم لم تأخذ عن عمرو بن دينار؟ قال: أتيته فوجدته يأخذون عنه قياماً فأجللت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آخذه قائماً.

<<  <  ج: ص:  >  >>