فقهه رحمه الله: قال عبيد بن محمد بن خلف البزاز: سئل أبو ثور فقيل له: أيهما أفقه الشافعي أو محمد بن الحسن -صاحب أبي حنيفة؟ فقال أبو ثور: الشافعي أفقه من محمد وأبي يوسف وأبي حنيفة وحماد بن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة وإبراهيم يعني: النخعي وعلقمة والأسود، يعني: أن كلهم من مدرسة الرأي في الكوفة.
وعن أحمد بن يحيى قال: سمعت الحميدي يقول: سمعت سيد الفقهاء محمد بن إدريس الشافعي.
وعن الربيع قال: سمعت الحميدي يقول: عن مسلم بن خالد أنه قال للشافعي: أفت يا أبا عبد الله فقد والله آن لك أن تفتي، وكان ابن خمس عشرة سنة.
وهذه بعض الأشياء التي تدل على فقهه وفهمه.
وعن حرملة بن يحيى قال: سمعت الشافعي يقول في رجل قال لامرأته وفي فيها تمرة: إن أكلتيها فأنت طالق، قال: طرحتيها فأنت طالق، بأن تأكل نصفها وتطرح نصفها.
فكما يقولون: ليس الفقه بالتشدد، بل الفقه أن تأتيك الرخصة من العالم الذي يجد المخرج الموافق للشرع.
وعن المزني قال: سئل الشافعي عن نعامة ابتلعت جوهرة لرجل آخر فقال: لست آمره بشيء، ولكن إن كان صاحب الجوهرة كيساً عدا على النعامة فذبحها واستخرج جوهرته ثم ضمن لصاحب النعامة ما بين قيمتها حية ومذبوحة.
وعن معمر بن شبيب قال: سمعت المأمون يقول لـ محمد بن إدريس الشافعي: يا محمد لأي علة خلق الله الذباب؟ قال: فأطرق ثم قال: مذلة للملوك يا أمير المؤمنين، قال: فضحك المأمون، وقال: يا محمد رأيت الذباب قد سقط على خدي؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين ولقد سألتني وما عندي جواب، فلما رأيت الذباب قد سقط بموضع لا يناله أحد انفتق في ذهني الجواب.
فقال: لله درك يا محمد.
وقال إبراهيم بن أبي طالب الحافظ: سألت أبا قدامة السرخسي عن الشافعي وأحمد وأبي عبيد وابن راهويه فقال: الشافعي أفقههم.
وعن الربيع قال: كنت يوماً عند الشافعي فجاءه رجل فقال: أيها العالم! ما تقول في رجل حلف إن كان في كمي دراهم أكثر من ثلاثة فعبدي حر، وكان في كمه أربعة دراهم، فقال: لم يعتق عبده، قال: لم؟ قال: لأنه استثنى من جملة ما في كمه دراهم، والدرهم لا يكون دراهم.