نصرته للسنة وشدته على أهل البدع: عن مطرف بن عبد الله قال: سمعت مالكاً يقول: سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر من بعده سنناً، الأخذ بها اتباع لكتاب الله، واستكمال بطاعة الله، وقوة على دين الله، ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ولا النظر في شيء خالفها، من اهتدى بها فهو مهتد، ومن استنصر بها فهو منصور، ومن تركها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم وساءت مصيراً.
وعن يحيى بن خلف الطرسوسي وكان من ثقات المسلمين قال: كنت عند مالك فدخل عليه رجل، فقال: يا أبا عبد الله ما تقول فيمن يقول: القرآن مخلوق؟ فقال مالك: زنديق اقتلوه.
فقال: يا أبا عبد الله! إنما أحكي كلاماً سمعته، قال: إنما سمعته منك، وعظم هذا القول.
فأعلام السنن كانت مرفوعة ومشهورة في زمن كبار التابعين، زمن الإمام مالك والسفيانين.
وحدث أبو ثور عن الشافعي قال: كان مالك إذا جاءه بعض أهل الأهواء قال: أما إني على بينة من ديني، وأما أنت فشاك، اذهب إلى شاك مثلك فخاصمه.
وقال القاضي عياض: قال أبو طالب المكي: كان مالك رحمه الله أبعد الناس من مذاهب المتكلمين، وأشد نقداً للعراقيين.
ثم قال القاضي عياض: قال سفيان بن عيينة: سأل رجل مالكاً فقال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥]، كيف استوى؟ فسكت مالك حتى علاه الرحضاء -يعني: العرق- ثم قال: الاستواء منه معلوم، والكيف منه غير معقول، والسؤال عن هذا بدعة، والإيمان به واجب، وإني لأظنك ضالاً، أخرجوه.
فناداه الرجل: يا أبا عبد الله! والله لقد سألت عنها أهل البصرة والكوفة والعراق فلم أجد أحداً وفق لما وفقت له.