[التعريف بالإمام الشافعي]
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
أما بعد: فما زلنا مع علماء السلف رضي الله عنهم، ونحن اليوم مع إمام من أئمة المذاهب المتبعة، ناصر الحق والسنة محمد بن إدريس الشافعي، نتعرف على اسمه ونسبه ومولده ونشأته وصفته رحمه الله.
اسمه: محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب.
كنيته: أبو عبد الله، وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، يلتقي معه في جده عبد مناف، فرسول الله صلى الله عليه وسلم من بني هاشم بن عبد مناف، وإمامنا الشافعي من بني المطلب بن عبد مناف، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد).
قال الإمام النووي: اعلم أنه رضي الله عنه كان من أنواع المحاسن بالمحل الأعلى والمقام الأسنى؛ لما جمعه الله له من أنواع المكرمات، فمن ذلك شرف النسب الطاهر، والعنصر الباهر، واجتماعه هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم في النسب، وذلك غاية الشرف ونهاية الحسب.
ومن ذلك: شرف المولد والمنشأ؛ فإنه ولد بالأرض المقدسة ونشأ بمكة.
مولده ونشأته: قال الذهبي رحمه الله: اتفق مولد الإمام رحمه الله بغزة، ومات أبوه إدريس شاباً فنشأ محمد يتيماً في حجر أمه فخافت عليه الضيعة، فتحولت إلى محتده وهو ابن عامين -يعني: انتقلت به من غزة إلى مكة وهو ابن عامين- فنشأ بمكة وأقبل على الرمي حتى فاق الأقران، وصار يصيب من عشرة أسهم تسعة، ثم أقبل على العربية والشعر فبرع في ذلك وتقدم، ثم حبب إليه الفقه فساد أهل زمانه.
والإمام الشافعي يعتبر من أذكياء العالم.
قال العليمي: أبو عبد الله الشافعي الإمام الأعظم والحبر المكرم أحد الأئمة المجتهدين الأعلام، إمام أهل السنة وركن الإسلام، لقي جده شافع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مترعرع، وكان أبوه السائب -والد شافع- صاحب راية بني هاشم يوم بدر، فأسر وفدى نفسه ثم أسلم، فقيل له: لم لم تسلم قبل أن تفدي نفسك؟ فقال: ما كنت أحرم المسلمين طعماً لهم في، فأراد أن يكون سبباً في الرزق للمسلمين، ففدى نفسه ثم أسلم.
ولد الإمام الشافعي بغزة من بلاد الشام على الأصح في سنة (١٥٠هـ) وهي السنة التي مات فيها أبو حنيفة النعمان، فقد ولد الإمام أبو حنيفة سنة (٨٠هـ)، ومات سنة (١٥٠هـ)، أما الإمام الشافعي فإنه ولد سنة (١٥٠هـ)، ومات سنة (٢٠٤هـ)، فعاش (٥٤) سنة رحمه الله، وقيل: إن الشافعي ولد في اليوم الذي مات فيه أبو حنيفة.
وقيل: كان مولده بعسقلان وقيل: باليمن، ونشأ بمكة وكتب العلم بها وبمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدم بغداد مرتين، وخرج إلى مصر فنزلها وكان وصوله إليها في سنة (١٩٩هـ)، ومكث في مصر خمس سنين وأفتى بها، وعندما يقولون: قال الشافعي في الجديد، فيقصدون ما كتبه وهو في مصر، وهي الخمس السنين الأخيرة من عمره؛ فإنه مكث في مكة فترة وفي بغداد فترة، ومر على بلاد كثيرة، وقيل: دخل مصر سنة (٢٠١هـ) ولم يزل بها إلى حين وفاته.
صفته رحمه الله: روى أبو نعيم بسنده عن إبراهيم بن برانة قال: وكان الشافعي طويلاً نبيلاً جسيماً.
وقال الزعفراني: كان الشافعي يخضب بالحناء، خفيف العارضين.
يعني: خفيف شعر اللحية في العارضين.
وقال المزني: ما رأيت أحسن وجهاً من الشافعي، وكان ربما قبض على لحيته فلا تفضل على قبضته.