[أدب شعبة وسماحته وحبه للمساكين]
عن أبي داود الطيالسي قال: كنا عند شعبة فجاء سليمان بن المغيرة يبكي، فقال له شعبة: ما يبكيك يا أبا سعيد؟ قال: مات حماري، وذهبت مني الجمعة، وذهبت حوائجي، قال: فبكم أخذته؟ قال: بثلاثة دنانير، قال: فعندي ثلاثة دنانير والله ما أملك غيرها، يا غلام هات تلك الصرة، فإذا فيها ثلاثة دنانير فدفعها إليه، وقال: اشتر بها حماراً ولا تبك.
وعن حجاج قال: ركب شعبة حماراً له فلقيه سليمان بن المغيرة فشكى إليه، فقال له شعبة: والله ما أملك إلا هذا الحمار، ثم نزل عنه ودفعه إليه.
وعن نضر بن شميل قال: ما رأيت أرحم لمسكين من شعبة، إذا رأى المسكين لا يزال ينظر إليه حتى يغيب عن وجهه.
وعن مسلم بن إبراهيم قال: كان شعبة إذا وقف في مجلسه سائل لا يحدث حتى يُعطى، فقام له يوماً سائل ثم جلس، فقال: ما شأنه؟ قال: ضمن عبد الرحمن بن مهدي أن يعطيه درهماً.
قال يحيى القطان: كان شعبة من أرق الناس، يُعطي السائل ما أمكنه.
وعن أبي داود قال: كنا عند شعبة نكتب ما يملي فسأل سائل؟ فقال شعبة: تصدقوا.
فلم يتصدق أحد، فقال: تصدقوا فإن أبا إسحاق حدثني عن عبد الله بن معقل عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا النار ولو بشق تمرة) قال: فلم يتصدق أحد، فقال: فإن عمرو بن مرة حدثني عن خيثمة عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة) فلم يتصدق أحد، فقال: تصدقوا فإن محلاً الضبي حدثني عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استتروا من النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة) فلم يتصدق أحد، فقال: قوموا عني فوالله لا حدثتكم ثلاثة أشهر، ثم دخل منزله فأخرج عجيناً فأعطاه السائل، فقال: خذ هذا فإنه طعامنا اليوم.
وعن مسلم بن إبراهيم قال: ما دخلت على شعبة في وقت صلاة قط إلا رأيته قائماً يصلي، وكان أبا الفقراء وأمهم، وسمعته يقول: والله لولا الفقراء ما جلست لكم.
وهذا يدل على أنه يحدث من أجل أن يتصدق الناس على الفقراء.
وعن سليمان بن حرب قال: لو نظرت إلى ثياب شعبة لم تكن تساوي عشرة دراهم، وكان شيخاً كثير الصدقة.
فالصدقة ليست خاصة بالأغنياء، بل صدقة الفقير يكون وقعها أكبر، وقد يسبق درهم ألف درهم.
وعن مسلم بن إبراهيم قال: سمعت شعبة يقول: لولا المساكين ما حدثت، فإني أُحدث ليعطوا.
وعن عفان قال: لولا حوائج لي ما حدثتكم، وكان يسأل لنسوة ضعاف.