إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
أما بعد: فمع علم جديد من أعلام السلف، وهو من علماء الكوفة ومن صغار التابعين، اسمه سليمان بن مهران الملقب بـ الأعمش، له علم وفضل وملح ونوادر، إمام في القرآن والحديث، لقب بالمصحف لصدقه، وكانوا يصححون مصاحفهم من حفظه، فقد كانت المصاحف تكتب باليد، لكنهم كانوا يصححون مصاحفهم المكتوبة من قراءته.
كان فقيراً من الدنيا ولكنه كان مليئاً من العلم.
قال عيسى بن يونس: ما رأينا الأغنياء والسلاطين في مجلس قط أحقر منهم في مجلس الأعمش، وهو محتاج إلى درهم.
قال أبو نعيم في وصفه: ومنهم الإمام المقرئ الراوي المفتي، كان كثير العمل قصير الأمل، مع ربه راهباً ناسكاً، ومع عباده داعباً ضاحكاً، يعني: إشارة إلى كثرة مزاحه.
سليمان بن مهران الأعمش تتلمذ عليه الأكابر، كـ شعبة وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة، وكان أعلم الناس بحديث عبد الله بن مسعود.
فهو من صغار التابعين، وتتلمذ عليه أئمة كبار أتباع التابعين.
وكان أعلم الناس بحديث عبد الله بن مسعود، رأى أنس بن مالك، ولكنه لم يرو عنه إلا بواسطة، وكانت له عجائب ونوادر وملح سنذكر شيئاً منها في غضون الترجمة، فرحمه الله وسائر الأئمة الأعلام والعلماء الكرام.