[التفريق بين حماد بن زيد وحماد بن سلمة]
اشترك الحمادان في كثير من المشايخ والتلاميذ، فكيف نفرق بينهما: قال الحافظ الذهبي ما ملخصه: اشترك الحمادان في الرواية عن مشايخ، يعني: لأنهما متعاصران وفي مصر واحد وهو البصرة، فطبيعي أن يكون هنالك اشتراك بينهما في أكثر الشيوخ والتلاميذ، كما هو الحال في سفيان الثوري وسفيان بن عيينة، وإن كان سفيان بن عيينة بالحجاز والثوري بالكوفة، إلا أنهما متعاصران واشتركا في جملة من المشايخ، فكيف نفرق لو وجدنا في الإسناد: (حدثنا حماد) دون أن يبين من هو حماد.
يقول الحافظ الذهبي: اشترك الحمادان في الرواية عن مشايخ، وروى عنهما جماعة من المحدثين، فربما روى الرجل منهم عن (حماد) ولم ينسبه، فلا يعرف أي الحمادين هو إلا بقرينة، فإن عري السند من القرائن -وذلك قليل- لم نقطع أنه ابن زيد ولا ابن سلمة، بل نتردد، أو نقدره ابن سلمة ونقول: هذا الحديث على شرط مسلم؛ إذ مسلم قد احتج بهما جميعاً، كما ذكرنا أن البخاري تحاشا الرواية عن حماد بن سلمة لأنه تغير بآخره، فقد كان له أحاديث كثيرة جداً، وليس هو في الضبط مثل حماد بن زيد، ولكن الإمام مسلم تخير من حديث حماد بن سلمة فروى حديثه في الأصول عن ثابت البناني وعن خاله حميد الطويل، وفي المتابعات ذكر روايته عن حماد بن سلمة عن غيرهما.
أي: ثابت البناني وحميد الطويل.
فيقول: لو وجدنا في السند حماداً ولم يميز فنقول: إن هذا من شرط مسلم؛ لأن مسلماً روى للحمادين، أما البخاري فروى لـ حماد بن زيد وحده، فلو وجدنا حماداً في صحيح البخاري غير منسوب إلى أبيه فهو حماد بن زيد فقط.
ثم ذكر رحمه الله جملة من شيوخهما وتلامذتهما، ثم قال: والحفاظ المختصون بالإكثار من الرواية عن حماد بن سلمة: بهز بن أسد وحبان بن هلال والحسن الأشيب وعمر بن عاصم، يعني: لو قال بهز بن أسد: حدثنا (حماد) وسكت، فيكون الغالب أنه حماد بن سلمة أو قال ذلك حبان بن هلال أو الحسن الأشيب أو عمر بن عاصم.
والحفاظ المختصون بالإكثار من الرواية عن حماد بن زيد الذين ما لحقوا ابن سلمة أكثر وأوضح، فـ حماد بن سلمة كان أكبر، وهناك حفاظ ما أدركوا حماد بن سلمة، فلو قال واحد منهم: (حدثنا حماد)، فهو حماد بن زيد؛ لأنهم فاتهم حماد بن سلمة فلم يرووا عنه، كـ علي بن المديني وأحمد بن عبدة وأحمد بن المقدام وبشر بن معاذ العقدي وخالد بن خداش وخلف بن هشام وزكريا بن عدي وسعيد بن منصور وأبي الربيع الزهراني والقواريري وعمرو بن عوف وقتيبة بن سعيد ومحمد بن أبي بكر المقدمي ولوين ومحمد بن عيسى الطباع ومحمد بن عبيد الأحدب ومسدد ويحيى بن حبيب ويحيى بن يحيى التميمي وعدة من أقرانهم، فإذا رأيت الرجل من هذه الطبقة قد روى عن حماد وأبهمه -يعني: لم يميزه- علمت أنه ابن زيد، وأن هذا الراوي لم يدرك حماد بن سلمة.
وكذلك إذا روى رجل ممن لقيهما فقال: (حدثنا حماد) وسكت نظرنا في شيخ حماد من هو، فإذا كان من شيوخهما ترددنا، وإن كان من شيوخ أحدهما على الاختصاص والتفرد عرفنا أنه من شيوخه المختصين به.
يعني: ينظر للتلاميذ وللشيوخ، فهناك تلاميذ أدركوا حماد بن زيد ولم يدركوا حماد بن سلمة، فهؤلاء لو قالوا: (حماد) نعرف أنهم يقصدون حماد بن زيد، بخلاف الذين أكثروا من الرواية عن حماد بن سلمة كما سبق.
وكذا إذا روى رجل ممن لقيهما فقال: (حدثنا حماد) وسكت، نظرت في شيخ حماد من هو، فإذا رأيته من شيوخهما ترددت، وإذا رأيته من شيوخ أحدهما على الاختصاص والتفرد عرفته من شيوخه المختصين به.
وأنفع كتاب بالنسبة لتحديد هؤلاء العلماء كتاب تهذيب الكمال للحافظ المزي، فهو لم يحصر الشيوخ والتلاميذ، ولكن يذكر أكثر الشيوخ والتلاميذ، وهو الكتاب الذي اختصره من الكمال لـ