اتباعه للسنة وذمه للبدع وأهلها: قال حماد بن زيد: أيوب عندي أفضل من جالسته.
وحماد بن زيد من طبقة الإمام مالك، فهو من كبار أتباع التابعين، فكان حماد بن زيد بالبصرة ومالك بالمدينة والليث بن سعد بمصر وسفيان الثوري بالكوفة وابن عيينة بمكة، ومع هذا يقول حماد بن زيد: أيوب عندي أفضل من جالسته وأشدهم اتباعاً للسنة.
قال سعيد بن عامر الضبعي: عن سلام بن أبي مطيع قال: رأى أيوب رجلاً من أصحاب الأهواء فقال: إني لأعرف الذلة في وجهه، ثم تلا:{سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ}[الأعراف:١٥٢].
فكل من افترى على الشرع فهو من أهل الأهواء والبدع، وكل مبتدع مفترٍ على الشرع إما بزيادة أو بنقصان فلابد أن ينال نصيباً من الذلة، كما أن كل من عصى أمر الله عز وجل وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم لا بد أن ينال من الذلة بحسب معصيته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري).
وقال الحسن: إنهم وإن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين إن ذل المعصية لفي رقابهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه.
ثم قال أيوب: هذا لكل مفترٍ، وكان يسمي أصحاب الأهواء خوارج، ويقول: إن الخوارج اختلفوا في الاسم واجتمعوا على السيف.
وقال له رجل من أهل الأهواء: يا أبا بكر! أسألك عن كلمة، فولى وهو يقول: ولا نصف كلمة، مرتين.
وعن هشام بن حسان عن أيوب السختياني قال: ما ازداد صاحب بدعة اجتهاداً إلا ازداد من الله بعداً.
وعن ابن عيينة قال: قال أيوب: إنه ليبلغني موت الرجل من أهل السنة فكأنما يسقط عضو من أعضائي.
وكان ذلك في أزمنة متوفر فيها علماء السنة، حيث كانت الواحة لا تخلو من عالم من علماء السنة فكيف بهذه الأزمنة المتأخرة؟ والمسلمون فقدوا عدداً كبيراً من علماء السنة، نسأل الله عز وجل أن يجبر الأمة وأن يعوضها خيراً.