للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثناء العلماء على سفيان بن عيينة]

قال أبو نعيم: ومنهم الإمام الأمين ذو العقل الرصين، والرأي الراجح الركين، المستنبط للمعاني المرتبط بالمباني، أبو محمد سفيان بن عيينة الهلالي، كان عالماً ناقداً، وزاهداً عابداً، علمه مشهور، وزهده معمور.

قال الذهبي: طلب الحديث وهو حدث، بل غلام، ولقي الكبار، وحمل عنهم علماً جماً، وأتقن وجود وصنّف، وعمّر دهراً، وازدحم الخلق عليه، وانتهى إليه علو الإسناد -لأنه جاوز التسعين سنة- ورُحل إليه من البلاد، وألحق الأحفاد بالأجداد.

طال عمر سفيان وظل إماماً لمكة أربعين سنة، فكان يروي عنه الرجل ثم يروي عنه ابنه، ثم يروي عنه حفيده، وهذا معنى قوله: وألحق الأحفاد بالأجداد.

وقال علي بن المديني: ما من أصحاب الزهري أحد أتقن من سفيان بن عيينة.

فهم دائماً يفضّلون سفيان بن عيينة إمام مكة ومالك بن أنس إمام المدينة، فقد كان سفيان بن عيينة أوسع علماً وأكثر حديثاً، ولكن مالكاً أتقن.

وقال أحمد بن عبد الله العجلي: كان ابن عيينة ثبتاً في الحديث، وكان حديثه نحواً من سبعة آلاف ولم تكن له كتب، أي: أن ضبطه كان ضبط صدر وليس ضبط كتاب.

وقال بهز بن أسد: ما رأيت مثل سفيان بن عيينة، فقيل له: ولا شعبة؟ قال: ولا شعبة.

وقال يحيى بن معين: هو أثبت الناس في عمرو بن دينار.

لأن عمرو بن دينار أيضاً من علماء مكة.

وذكر أن الإمام مالك لم يرو عن عمرو بن دينار؛ لأنه رأى الناس يكتبون عنه وهم واقفون، فأجل حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتبه وهو واقف.

وقال ابن المديني: قال لي يحيى القطان: ما بقي من معلمي أحد غير سفيان بن عيينة وهو إمام منذ أربعين سنة.

وقال ابن المبارك: سئل سفيان الثوري عن سفيان بن عيينة؟ فقال: ذاك أحد الأحدين، ما أغربه! وكما ذكرنا الحمادين وقلنا: إن حماد بن سلمة بن دينار أكبر سناً من حماد بن زيد بن درهم، وكلاهما من علماء البصرة، فإن سفيان الثوري من علماء الكوفة وسفيان بن عيينة من علماء مكة، وهما متقاربان، وكان سفيان الثوري أيضاً أكبر سناً من سفيان بن عيينة.

وقال أبو حاتم الرازي: سفيان بن عيينة إمام ثقة، كان أعلم بحديث عمرو بن دينار من شعبة، قال: وأثبت أصحاب الزهري هو ومالك.

وقال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي يقول: لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز.

لأن سفيان بن عيينة من علماء الحجاز.

وقال علي: وسمعت بشر بن المفضل يقول: ما بقي على وجه الأرض أحد يشبه سفيان بن عيينة.

وقال عثمان بن سعيد الدارمي: سألت يحيى بن معين قلت له: ابن عيينة أحب إليك في عمرو بن دينار أو الثوري؟ فقال: ابن عيينة أعلم به، قلت: فـ ابن عيينة أحب إليك فيه أو حماد بن زيد؟ قال: ابن عيينة أعلم به، قلت: فـ شعبة؟ قال: أيش روى عنه شعبة؟ إنما روى عنه نحواً من مائة حديث.

وقال محمد بن إسحاق صاحب كتاب المغازي -وهو من تلامذة الزهري - قال: وكان ثقة ثبتاً كثير الحديث حجة، توفي وهو ابن إحدى وتسعين سنة.

وطلب العلم وهو ابن سبع سنين أو ثمان سنين، فانظروا كيف حصّل العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>