[براعة الإمام ابن سيرين في تعبير الرؤيا]
قال الذهبي رحمه الله: قد جاء عن ابن سيرين عجائب يطول الكتاب بذكرها، وكان له في ذلك تأييد إلهي.
وعن عبد الله بن مسلم المروزي قال: كنت أجلس إلى ابن سيرين فتركته، وجالست الإباضية -فرقة من الخوارج- فرأيت كأني مع قوم يحملون جنازة النبي صلى الله عليه وسلم، فأتيت ابن سيرين فذكرته له، فقال: مالك جالست أقواماً يريدون أن يدفنوا ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.
وعن المغيرة بن حفص قال: سئل ابن سيرين فقال: رأيت كأن الجوزاء تقدمت الثريا -يعني: كوكب الجوزاء سبق كوكب الثريا- فقال: هذا الحسن يموت قبلي ثم أتبعه وهو أرفع وأعلى مني منزلاً.
وكما ذكرنا في الترجمة السابقة أنه مات بعده بمائةيوم تقريباً.
وعن يوسف الصباغ عن ابن سيرين قال: من رأى ربه تعالى في المنام دخل الجنة.
ورؤية الله عز وجل في المنام جائزة؛ لأنها ليست رؤية بالبصر، فرؤية البصر لا تحيط بالشيء، والله عز وجل يُرى في الآخرة ولا يدرك؛ لأن الإدراك فوق الرؤيا: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [الشعراء:٦١]، فقد تحصل الرؤيا ولا يحصل الإدراك، فرؤية المنام رؤية بالبصيرة.
يعني: بالقلب.
فرؤية الله عز وجل في المنام جائزة كما في حديث اختصام الملأ الأعلى: (فرأيت ربي عز وجل في أحسن صورة.
فقال: يا محمد! فيم يختصم الملأ الأعلى؟).
فيقول: من رأى ربه تعالى في المنام دخل الجنة.
وعن أبي قلابة: أن رجلاً قال لـ أبي بكر: رأيت كأني أبول دماً، فقال: أتأتي امرأتك وهي حائض؟ قال: نعم.
قال: اتق الله ولا تعد.
وعن أبي جعفر عن ابن سيرين: أن رجلاً رأى في المنام كأن في حجره صبياً يصيح، فقص رؤياه على ابن سيرين فقال: اتق الله ولا تضرب بالعود.
وعن مبارك بن يزيد البصري قال: قال رجل لـ ابن سيرين: رأيت كأني أطير بين السماء والأرض، قال: أنت رجل تكثر المنى.
يعني: أحلام اليقظة.
وعن هشام بن حسان قال: جاء رجل إلى ابن سيرين وأنا عنده فقال: إني رأيت كأن على رأسي تاجاً من ذهب، فقال له ابن سيرين: اتق الله فإن أباك في أرض غربة، وقد ذهب بصره، وهو يريد أن تأتيه، قال: فما زاده الرجل الكلام، حتى أدخل يده في حجزته فأخرج كتاباً من أبيه يذكر فيه ذهاب بصره، وأنه في أرض غربة، ويأمر بالإتيان إليه.