[عبادة الإمام سعيد بن جبير رحمه الله]
عن هلال بن خباب قال: خرجنا مع سعيد بن جبير في جنازة فكان يحدثنا في الطريق ويذكرنا حتى قمنا فرجعنا، وكان كثير الذكر لله.
وعن هلال بن خباب قال: خرجت مع سعيد بن جبير في أيام مضين من رجب، فأحرم من الكوفة بعمرة، ثم رجع من عمرته، ثم أحرم بالحج في النصف من ذي القعدة، وكان يخرج كل سنة مرتين: مرة للحج، ومرة للعمرة.
وطبعاً لم يكن أحد في ذلك الزمان يركب الطائرة، وفي خلال ساعة أو ساعتين يكون في جدة، ولكن كانوا يسافرون إما سيراً على الأقدام أو على الراحلة، فكان سعيد بن جبير يسافر مرتين في السنة للحج والعمرة، وهذه عبادة يُخضع لها.
وعن خصيف قال: رأيت سعيد بن جبير صلى ركعتين خلف المقام قبل صلاة الصبح، قال: فأتيته فصليت إلى جنبه وسألته عن آية من كتاب الله فلم يجبني، فلما صلى الصبح قال: إذا طلع الفجر فلا تتكلم إلا بذكر الله حتى تصلي الصبح.
وعن أبي جرير أن سعيد بن جبير قال: لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر.
فكانت العبادة تعجبه.
وكان يقول: أيقظوا خدمكم يتسحّرون لصوم يوم عرفة.
وعن عبد الله بن مسلم بن هرمز عن سعيد بن جبير أنه كان ينكر أن يتكفأ الرجل في صلاته، قال: وما رأيته قط يصلي إلا وكأنه وتد.
فكان يكره أن يصلي الإنسان وهو منحنٍ، فكان يصلي وكأنه وتد، وقيل عن بعض السلف -ومنهم مسلم بن يسار - إنه كان يصلي وكأنه جذع شجرة حتى يأتي الطير فيقف عليه.
وانهدمت ناحية في المسجد فهرع لها أهل السوق وهو في صلاته فما تحرك.
وعن هشام بن حسان قال: قال سعيد بن جبير: إني لأزيد في صلاتي من أجل ابني هذا.
قال هشام: رجاء أن يُحفظ فيه.
فالإنسان يكون تقواه لله عز وجل في حدود خوفه على الذرية، قال عز وجل: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ} [النساء:٩] فهذا هو التأمين الرباني.
وعن عمر بن ذر قال: كتب سعيد بن جبير إلى أبي كتاباً أوصاه بتقوى الله، وقال: إن بقاء المسلم كل يوم غنيمة؛ لأن المسلم يزداد من الدنيا خيراً، فكل يوم يعيشه المؤمن فهو غنيمة، ومن تساوى يوماه فهو مغبون، فهو يزداد طاعة ويزداد حباً لله عز وجل، ويزداد علماً، ويرتفع في الأحوال الإيمانية، فكل يوم يعيشه المؤمن فهو غنيمة.
وعن القاسم بن أيوب قال: سمعت سعيد بن جبير يردد هذه الآية في الصلاة بضعاً وعشرين مرة: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة:٢٨١].
وعن ابن شهاب قال: كان سعيد بن جبير يصلي العتمة -أي: العشاء- في رمضان ثم يرجع فيمكث هنيهة ثم يرجع فيصلي بنا ست ترويحات، ويوتر بثلاث، ويقنت بقدر خمسين آية.