[ثناء العلماء على سفيان الثوري]
ثناء العلماء عليه: وهذا بحر لا يُدرك قعره ولا يُنزف غمره، ولا نُحرم بفضل الملك الوهاب من نقل ما أُثر من ذلك في هذا الكتاب.
قال وكيع: كان سفيان بحراً.
وقال الأوزاعي: لم يبق من تجتمع عليه الأمة بالرضا والصحة إلا سفيان.
وقال ابن المبارك: لا أعلم على وجه الأرض أعلم من سفيان.
قال سفيان بن عيينة: ما رأيت أحداً أفضل من سفيان ولا رأى سفيان مثل نفسه.
وعن يحيى بن سعيد وسألوه عن سفيان وشعبة قال: ليس الأمر بالمحاباة، ولو كان الأمر بالمحاباة لقدمنا شعبة على سفيان لتقدمه.
لأن شعبة من صغار التابعين، وسفيان من كبار أتباع التابعين.
فقال: لو كان الأمر بالمحاباة لقدمنا شعبة على سفيان لتقدمه، فإن سفيان يرجع إلى كتاب وشعبة لا يرجع إلى كتاب، وسفيان أحفظهما، وقد رأيناهما يختلفان فوجدنا الأمر كما قال سفيان.
وقال أبو بكر بن عياش: إني لأرى الرجل يصحب سفيان فيعظم.
وعن يحيى بن معين قال: ما خالف أحدٌ سفيان في شيء إلا كان القول قول سفيان.
وقال أحمد بن عبد الله العجلي: أحسن إسناد الكوفة سفيان عن منصور بن معتمر عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن عبد الله بن مسعود.
وقال شعبة وسفيان بن عيينة وأبو عاصم النبيل ويحيى بن معين وغير واحد من العلماء: سفيان أمير المؤمنين في الحديث.
وقال يونس بن عبيد: ما رأيت أفضل من سفيان فقال له رجل: يا أبا عبد الله! رأيت سعيد بن جبير وإبراهيم وعطاء ومجاهد -وهؤلاء من التابعين- وتقول هذا؟ فقال: ما رأيت أفضل من سفيان.
وروى وكيع عن شعبة قال: سفيان أحفظ مني.
وقال عبد العزيز بن رزمة: قال رجل لـ شعبة: خالفك سفيان فقال: دمغتني.
وقال ابن مهدي: رأى أبو إسحاق السبيعي سفيان الثوري مقبلاً، فقال: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم:١٢]، وأبو إسحاق السبيعي من التابعين.
وقال محمد بن عبد الله بن عمار: سمعت يحيى بن سعيد يقول: سفيان أعلم بحديث الأعمش من الأعمش.
وعن شعيب بن حرب قال: إني لأحسب أنه يُجاء غداً بـ سفيان حجة من الله على خلقه، يقال لهم: لم تدركوا نبيكم قد رأيتم سفيان.
وقال ابن المبارك: كتبت عن ألف ومائة شيخ ما كتبت عن أفضل من الثوري.
ومع علو شأنه وارتفاع قدره وجمعه بين العلم والعمل لم يكن رحمه الله بالمعصوم، فقد لخّص الحافظ الذهبي مناقبه وما أُخذ عليه رحمه الله.
فقال: قد كان سفيان رأساً في الزهد والتأدب والخوف، رأساً في الحفظ، رأساً في معرفة الألفاظ، رأساً في الفقه لا يخاف في الله لومة لائم، من أئمة الدين، واغتفر له غير مسألة اجتهد فيها، وفيه تشيع يسير، كان يثلث بـ علي، أي أنه يقدم علياً على عثمان، وهو على مذهب بلده أيضاً في النبيذ، أي: أنهم كانوا يجيزون النبيذ الذي يسكر كثيره ولا يسكر قليله.
ويأتي في ذكر ترجمة وكيع أيضاً أنه وقع في ذلك.
ويقال: إنه رجع عن كل ذلك، وكان يُنكر على الملوك ولا يرى الخروج أصلاً، وكان يدلّس في روايته، وربما دلّس عن الضعفاء، وكان سفيان بن عيينة مدلساً لكن ما عُرف له تدليس عن ضعيف، فكان يدلّس عن ثقات.