للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٦٤٧ - أبو عبد الله سَلمان الخَير، الفارِسِي:

من أهل أَصبَهان، ويقال: من أهل رامهُرمُز.

أتى الكُوفَة.

أَسلَم عند قدوم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ المَدِينَة، وكان قبل يقرأ الكتب، ويطلب الدين، وكان عبدًا لقوم في بَنِي قُرَيظَة، فكاتبوه، فأدى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ (١) كتابته، وعتق، وأول مشاهده الخندق.

له صُحبَةٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.

ومات في خلافة عُثمان بالمَدائِن.

أخبرنا أبو بَكر عبد الله بن سُلَيمان بن الأَشعَث، ومحمد بن حَمدُون بن خالِد قالا: حدثنا يَعقُوب، وهو ابن سُفيان الفارِسِي، حدثنا زَكَرِيا بن نافِع، وهو

⦗٢١⦘

الأُرسُوفِي، حدثنا السَّرِي بن يَحيَى، عن سُلَيمان التَّيمِي، عن أبي عُثمان النَّهدِي، قال: كان سَلمان من أهل رامَهُرمُز، فجاء راهب إلى جبال رامَهُرمُز، وكان يتعبد فيه، وكان يأتيه ابن دِهقان القرية، قال: ففطنت له، قال: فقلت: اذهب بي معك، قال: فَقالَ: لا، حَتَّى أستأمره، قال: فاستأمره، فَقالَ: جِبه (٢) معك إن شئت، قال: فكنا (٣) نختلف إليه، حَتَّى فطن لذلك أهل القرية، قال: فقالوا: يا راهب، إنك قد جاورتنا، فأحسنا جوارك، وإنا نراك تريد أن تفسد علينا غلماننا، فاخرج عن أرضنا، قال: فخرج، وخرجت معه، قال: فجعل لا يزداد ارتفاعًا في الأرض، إلا ازداد معرفة وكرامة، حَتَّى أتى المَوصِل، قال: فأتى جبلاً من جبال المَوصِل، فإذا رهبان سبعة، قال: كل رجل في غار يتعبد فيه، يصوم ستة أيام ولياليهن، حَتَّى إذا كان يوم السابع، اجتمعوا فأكلوا وشربوا وتحدثوا. قال: فقلت لصاحبي: اتركني عند هؤلاء إن شئت، قال: فمضى، قال: قال لي: يا غلام إنك لا تطيق ما نُطيق، قال: وكان ملك من الملوك بالشام يقتل الناس، قال: فأبى عليهم إلا أن ينطلق، قال: فقلت: فإني أخرج معك، قال: فانطلقت معه. قال فلما انتهينا إلى باب بيت المَقدِس، فإذا على باب المَسجِد رجل مقعد، قال: يا عبد الله تَصَدَّق عَلَيَّ، فلم يكن معه شيء يعطيه إياه، قال: فدخل المَسجِد، فصلى ثلاثة أيام ولياليهن لا ينصرف، ثم إنه انصرف، فخط خَطًّا، وقال: /٣٠٦ أ/ إذا رأيت الظل بلغ هذا الخط فأيقظني، قال: ووضع رأسه فنام، قال: فرثيت له من طول ما سهر، قال: فلم أيقظه (٤) حَتَّى جاوز الخط، قال: فاستيقظ فَقالَ: ألم أقل لك إذا بلغ الظل هذا الخط فأيقظني، قال: قلت: إني رثيت لك من طول ما سهرت، قال: ويحك إني أستحي من الله أن تمضي ساعة من ليل أو نهار لا أذكره فيها، قال: ثم قام فخرج، فقال له ذلك المقعد: أنت رجل

⦗٢٢⦘

صالِح، دخلت فلم تَصَّدَّق عَلَيَّ، وخرجت فلا تَصَّدَّق عَلَيَّ، قال: فنظر يمينًا وشمالاً فلم ير أحدًا، قال: أرنا يدك، قال: فَقالَ: قم بإذن الله، قال: فقام ليس به قَلبة، قال: فقال سَلمان: فشغلني النظر إليه والعجب (٥) منه، قال: ومضى صاحبي في السكك، قال: فالتفت فلم أره، قال: فانطلقت أطلبه، قال: ومرت رفقة من العرب، قال: فاحتملوني، فجاءوا بي إلى المَدِينَة، فلما قدم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ المَدِينَة قال: ذكرت قولهم، إنه لا يأكل الصَّدَقَة ويقبل الهدية، قال: فصنعت طعامًا، فجئت به إليه، فَقالَ: ما هذا يا سَلمان، قال: قلت: صَدَقَة، قال: فقال لأصحابه: كلوا ولم يذقه، ثم إني رجعت، فجمعت حَتَّى جمعت طُعيمًا، قال: فَقالَ: ما هذا يا سَلمان، قال: قلت: هدية، فضرب بيده، فأكل، وقال لأصحابه: كلوا، قال: قلت: يا رَسُولَ اللهِ، أَخبَرَنِي عن النصارى، قال: لا خير فيهم يا سَلمان، قال: فقمت وأنا مثقل، قال: فرجعت إليه رجعة أخرى، فقلت له: يا رَسُولَ اللهِ، أَخبَرَنِي عن النصارى، قال: لا خير فيهم، ولا فيمن أحبهم، قال: فقمت وأنا مثقل، قال: فأنزل الله تعالى (٦): {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ الناسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا اليَهُودَ والَّذِينَ أَشرَكُوا ... }، حَتَّى بلغ: {تَفِيضُ مِنَ الدَّمعِ} (٧)، قال: فأرسل إلي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ (٨)، فَقالَ: يا سَلمان إن صاحبك، أو أصحابك من هؤلاء الَّذِينَ ذكر الله تعالى (٩).

هذا لفظ حديث محمد بن حَمدُون.

وقال عبد الله بن سُلَيمان بن الأَشعَث في حديثه: حدثنا زَكَرِيا بن نافِع الأُرسُوفِي، عن السَّرِي بن يَحيَى، عن سُلَيمان التَّيمِي، عن أبي عُثمان النَّهدِي، عن سَلمان، وذكر إسلامه بطوله، لم يزدنا عليه، ولم يذكر شَيئًا من المتن.

⦗٢٣⦘

حدثنا أبو محمد يَحيَى بن محمد بن صاعِد الهاشِمِي، حدثنا عبد الجَبار، يَعنِي ابن العلَاء، حدثنا مَروان، يَعنِي ابن مُعاوِيَة الفَزارِي، حدثنا سعيد بن عُبَيد الطائِي، حدثنا عُبَيد أبو الأَشعَر، أو أبو الأَشعَث، الشَّكُّ مِنِّي، عَن أَبِيهِ قال: تأول سَلمان الفارِسِي هذه الآية: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَم يَلبِسُوا إِيمانَهُم بِظُلمٍ} (١٠)، قال: فقال له زَيد بن صُوحان: يا أبا عبد الله.


(١) في (ز): "جئ به".
(٢) قوله: "صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ" من (ز).
(٣) في (ز): "وكنا".
(٤) في (ز): "أوقظه".
(٥) في (ز): "وأتعجب".
(٦) لفظة: "تعالى" من (ز).
(٧) المائدة: ٨٢، ٨٣.
(٨) قوله: "صلى الله عليه وسلم" من (ز).
(٩) لفظة: "تعالى" من (ز). والنص أورده البلاذري في "أنساب الأشراف" ١/ ٢١٣.
(١٠) الأنعام: ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>