للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: لم يصف أحد من العلماء المتقدمين جبير بن نفير بالتدليس، ولعل قول الذهبي "ربما دلس" أي ربما أرسل، والذهبي كان يطلق التدليس كثيرًا على الإرسال الخفي، انظر ترجمة (عبد الله بن زيد أبي قلابة الجرمي) من هذا الكتاب. والذهبي وابن عبد الهادي كانا أقران، وذكر الذهبي ابن عبد الهادي في كتابه "المعجم المختص"، فقال: كتب عني واستفدت منه. فلعل ابن عبد الهادي قلد الذهبي في وصف جبير بأنه ربما دلس عن كبار الصحابة. وقد تقدم أن معنى "ربما دلس" أي: "ربما أرسل".

قال أبو زرعة الرازي: جبير بن نفير بن مالك الحضرمي عن أبي بكر الصديق مرسل. "مراسيل ابن أبي حاتم" (٧٤).

وقال المزي في "تهذيب الكمال" (٤/ ٥١٠): جبير بن نفير روى عن عمر بن الخطاب وفى سماعه منه نظر.

وذكر الدكتور مسفر بن غرم الله الدميني قول الذهبي وابن حجر، ثم قال: ما دام ثقة جليلًا ربما دلس عن قدماء الصحابة، فكان الأولى أن يكون في المرتبة الأولى من مراتب المدلسين لا الثانية، حيث وضعه الحافظ ابن حجر، ولو قارنت بين قول الذهبي فيه: "ربما دلس عن كبار الصحابة"، وقول الذهبي نفسه في لاحق بن حميد أبي مجلز: "من ثقات التابعين، لكنه يدلس"، لعرفت أنه من الأولى لا من الثانية، وفرق كبير بين "ربما دلس" وبين "يدلس ومع ذلك ذكره الحافظ في المرتبة الأولى، وعندي أن جبير بن نفير من أهل المرتبة الأولى أيضًا.

ثم إن الذهبي يسمى الإرسال تدليسًا، حيث لا يشترط اللقاء ولا السماع فيه، وأخشى أن روايته عنهم مرسلة لا مدلسة والله أعلم (١).


(١) "التدليس في الحديث" (صـ ١٨٨ - ١٨٩).

<<  <   >  >>