للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٣ - حكم عنعنه المدلس]

قال الشيخ عبد الله بن يوسف الجديع حفظه الله: والمذاهب المعتبرة لأهل العلم في حديث المدلس الذى لا يذكر فيه السماع تُحصر في الأربعة التالية:

المذهب الأول: قبول روايته مطلقًا ما دام ثقة، ولم يتبين فيها علة قادحة، وإن لم يبين سماعه.

وهذا يمكن أن تنزل عليه مذاهب من رأى قبول المراسيل، لأنه في التحقيق أولى بالقبول من المرسل، فالمرسل قد عُلم فيه الانقطاع جزمًا، والمُدلس انقطاعه على سبيل المظنة الواردة بسبب العنعنة.

وممن ذهب إلى هذا أبو محمد بن حزم، فقال: "نترك من حديثه ما علمنا يقينًا أنه أرسله، وما علمنا أسقط بعض من في إسناده، ونأخذ من حديثه مالم نوقن فيه شيئًا من ذلك، وسواء قال: (أخبرنا فلان)، أو قال: (عن فلان)، أو قال: (فلان عن فلان)، كل ذلك واجب قبوله، مالم يُتيقن أنه أورد حديثًا بعينه إيرادًا غير مسند، فإن أيقنا ذلك تركنا ذلك الحديث وحده فقط، وأخذنا سائر رواياته (١).

والمذهب الثاني: منع قبول رواية من عُرف بالتدليس ولو مرة واحدة، إلا فيما بيّن سماعه صريحًا، ورد ما رواه بصيغة احتمال السماع واحتمال التدليس كالعنعنة. وهذا هو مذهب الشافعي، فإنه قال: "ومن عرفناه دلس مرة فقد أبان لنا عورته في روايته، وليست تلك العورة بالكذب فنرد بها حديثه، ولا النصيحة في الصدق فنقبل منه ما قبلنا من أهل النصيحة في الصدق، فقلنا: لا نقبل من مدلس حديثًا حتى يقول فيه: حدثني، أو: سمعت" (٢).


(١) "الإحكام في أصول الأحكام" (٢/ ١٤٢).
(٢) "الرسالة" (الفقرات ١٠٣٣ - ١٠٣٥).

<<  <   >  >>