أبو محمد الهلالي؟ فقال: سفيان بن عيينة. فأعجبه استحضاره.
وألطف منه قوله له: من أبو العباس الذهبي؟ فقال: أبو طاهر المخلص.
وكذا مر في صحيح ابن حبان وأنا بين يدي شيخنا قوله: ثنا أبو العباس الدمشقي، فقال: من هذا؟ فبادرته مع أنه لم يقصدني بذلك، وقلت: هو أبو الحسن أحمد بن عمير بن جوصاء، فأعجبه الجواب دون المبادرة لتفويتها غرضًا له.
ولذا قال ابن دقيق العيد: إن في تدليس الشيخ الثقة مصلحة، وهى امتحان الأذهان واستخراج ذلك وإلقاءه إلى من يُراد اختبار حفظه ومعرفته بالرجال.
على أنه قد قيل في فعل البخاري في الذهلي: إنه لما كان بينهما ما عُرف في محله، بحيث منع الذهلي أصحابه من الحضورعند البخاري، ولم يكن ذلك بمانع للبخاري من التخريج عنه لوفور ديانته وأمانته، وكونه عذره في نفسه بالتأويل، غير أنه خشي من التصريح به أن يكون كانه بتعديله له صدقه في نفسه فأخفى اسمه، والله أعلم بمراده.
والأكثر في هذا القسم وقوعه من الراوي، وقد يقع من الطالب بقصد التغطية على شيخه، ليتوفر عليه ما جرت عادته باخذه في حديث ذاك المدلس، كما سيأتي في الفصل الحادي عشر من معرفة من تُقبل روايته، وهو أخفها وأظرفها، ويجمع الكل مفسدة تضييع المروي عنه، كما قال ابن الصلاح، وذلك حيث جهل، إلا أنه نادر، فالحذاق لا يخفى ذلك عنهم غالبًا، فإن جهل كان من لازمه تضييع المروي أيضًا، بل قد يتفق أن يوافق ما دلس به شهرة راو ضعيف من أهل طبقته، ويكون المدلس ثقة، وكذا بالعكس، وهو فيه أشد (١).
قلت: وقد سمى ابن الصلاح هذا النوع من التدليس بتدليس. الشيوخ، وتبعه على ذلك من جاء بعده.
وممن كان يدلس تدليس الشيوخ: بقية بن الوليد، وسفيان الثوري، وعطية بن