للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بطلان كلامه أنه ضم مع البخاري مسلمًا في ذلك، ولم يقل مسلم في صحيحه بعد المقدمة عن أحد من شيوخه قال فلان، وإنما روى عنهم بالتصريح، فذلك يدلك على توهين كلام ابن منده، لكن سيأتي في النوع الحادي عشر ما يدلك على أن البخاري قد ذكر الشيء عن بعض شيوخه ويكون بينهما واسطة. انتهى.

وقد أجاب شيخنا عن هذا في "النكت على ابن الصلاح" في النوع الحادي عشر. وقد نقل شيخنا قبل القراءة على الشيخ عن أبي الحسن بن القطان في تدليس الشيوخ أنه قال: وأما البخاري فذاك عنه باطل- انتهى (١).

وذكره ابن حجر في المرتبة الأولى من المدلسين وقال: الإمام، وصفه بذلك أبو عبد الله بن منده في كلام له، فقال فيه: أخرج البخاري قال فلان وقال لنا فلان، وهو تدليس، ولم يوافق ابن منده على ذلك، والذى يظهر أنه كان يقول فيما لم يسمع: قال، وفيما سمع: قال لنا، لكن لا يكون على شرطه، أو موقوفًا: قال لي أو قال لنا، وقد عرفت ذلك بالاستقراء من صنيعه (٢).

قال ابن حجر: قال العراقي: والبخاري ليس مدلسًا.

أقول: لا يلزم من كونه يفرق في مسموعاته بين صيغ الأداء من أجل مقاصد تصنيفه أن يكون مدلسًا، ومن هذا الذى صرح أن استعمال "قال" إذا عبر بها المحدث عما رواه أحد مشايخه، مستعملًا لها فيما لم يسمعه منه يكون تدليسًا، لم نرهم صرحوا بذلك إلا في العنعنة.

وكأن ابن الصلاح أخذ ذلك من عموم قولهم: إن حكم عن وأن وقال وذكر واحد.

وهذا على تقدير تسليمه لا يستلزم التهسوية بينهما من كل جهة، كيف وقد نقل ابن الصلاح عن الخطيب أن كثيرًا من أهل الحديث لا يسوون بين قال وعن في الحكم.


(١) "التبيين لأسماء المدلسين" (ص ١٧٤).
(٢) "تعريف أهل التقديس" (صـ ٩٠، ٩١).

<<  <   >  >>