للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

م / وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ (كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا خَطَبَ، احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلَا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ، وَيَقُولُ: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ اَلْحَدِيثِ كِتَابُ اَللَّهِ، وَخَيْرَ اَلْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ اَلْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ).

وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ كَانَتْ خُطْبَةُ اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ (يَحْمَدُ اَللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ عَلَا صَوْتُهُ) وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: (مَنْ يَهْدِهِ اَللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ).

[احمرت عيناه] هذه حالات تعتري الخطيب الناصح المتحمس. [علا صوته] ارتفع. [اشتد غضبه] قوي. [كأنه منذر] الإنذار الإخبار مع التخويف. [صبحكم] نزل بكم العدو صباحاً. [هدي] ضبط بضم الهاء وفتح الدال (هُدَى) فيكون المعنى: الدلالة والإرشاد، وضبط بفتح الهاء وسكون الدال (هَدْي) فيكون المعنى أحسن الطرق. [محدثاتها] جمع محدثة، والمراد كل ما أحدث في الدين. [ضلالة] الضلالة ضد الهداية.

• ذكر المصنف - رحمه الله - هذا الحديث ليبين فيه صفة الخطيب وما ينبغي أن يكون عليه عند إلقاء الخطبة.

• ففيه أنه يستحب للخطيب أن يضخم أمر الخطبة ويرفع صوته، ويحرك كلامه، ويظهر غاية الغضب والفزع، لأن تلك الأوصاف إنما تكون عند اشتدادهما ". [قاله الشوكاني].

• وفيه دليل على أنه يستحب للخطيب أن يرفع بالخطبة صوته. [قاله الصنعاني].

وقد ذهب أصحاب الأئمة الأربعة إلى أن رفع الصوت بالخطبة زيادة على القدر الواجب حسب الطاقة سنة من سنن الخطبة، لهذا الحديث، ولحديث النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب يقول: (أنذركم النار، أنذركم النار، حتى لو أن رجلاً كان بالسوق لسمعه من مقامي هذا، قال: حتى وقعت خميصة كانت على عاتقه عند رجليه). رواه أحمد

ولأن رفع الصوت بالخطبة أبلغ في إعلام الناس، فيتحقق المقصود بها.

• وفي الحديث استحباب قول: (أما بعد) في الخطب، وكان هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقولها.

• وفيه أنه ينبغي أن يكون مضمون الخطبة: الثناء على الله وحمده، وبيان العقيدة الصحيحة، والتحذير من البدع، والدعوة إلى السنة، وفيها الترغيب والترهيب.

• وفي الحديث دليل على استحباب حمد الله في الخطبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>