وعن عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ:(إِنَّ طُولَ صَلَاةِ اَلرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ
ذكر المصنف - رحمه الله - حديث عمار بن ياسر، الذي رواه مسلم، ولفظ الحديث: عن أبي وائل قال: (خطبنا عمار فأوجز وأبلغ، فلما نزل قلنا: يا أبا اليقظان، لقد أبلغت وأوجزت، فلو كنت تنفست؟ فقال: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة، واقصروا الخطبة، وإن من البيان لسحراً).
لو تنفست: أي لو أطلت قليلاً. مئنة: بفتح الميم، ثم همزة مكسورة، ثم نون مشدودة، أي علامة. إن من البيان: من هنا تبعيضية.
• الحديث دليل على مشروعية قصر خطبة الجمعة وعدم إطالتها، قال في الإنصاف:" بلا نزاع ".
ومما يدل على ذلك أيضاً:
حديث عبد الله بن أبي أوفى قال:(كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطيل الصلاة ويقصر الخطبة). رواه النسائي
وعن جابر بن سمرة قال:(كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يطيل الموعظة يوم الجمعة، وإنما هنّ كلمات يسيرات). رواه أبو داود
قال الصنعاني:"وإنما كان قصر الخطبة علامة على فقه الرجل، لأن الفقيه هو المطلع على حقائق المعاني، وجوامع الألفاظ، فيتمكن من التعبير بالعبارة الجزلة المفيدة، ولذلك كان من تمام هذا الحديث:(فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة … ) ".
وأيضاً في إطالة الخطبة إصابة الملل للناس، والملل من أسباب إذهاب الفائدة من الموعظة.
• قوله:(فأطيلوا الصلاة) قال النووي: " وليس الحديث مخالفاً للأحاديث الصحيحة المشهورة، والأمر بتخفيف الصلاة، لقوله -صلى الله عليه وسلم- في الرواية الأخرى:(وكانت صلاته قصداً) لأن المراد بالحديث الذي نحن فيه أن الصلاة تكون طويلة بالنسبة إلى الخطبة لا تطويلاً يشق على المأمومين، وهي حينئذٍ قصد، أي معتدلة، والخطبة قصد بالنسبة إلى وضعها.
• ينبغي أن يكون الخطيب حكيماً، يعرف سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الخطبة.
• ذم التطويل في الموعظة والإكثار منها، وقد قال ابن مسعود:(كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتخولنا بالموعظة مخافة السآمة علينا). متفق عليه