ثانياً: أن من لا يستطيع الحج لمرض لا يرجى زواله وكان قادراً مالياً فإنه يجب عليه أن ينيب من يحج عنه.
واشترط بعض العلماء أن يقيم عنه نائباً من بلده، فإن كان هذا المريض الذي لا يستطيع الحج من الرياض فإنه يجب أن يخرج نائباً من الرياض، والصحيح أنه لا يلزم، لأمرين:
أولاً: أن السفر إلى مكة ليس مقصوداً لذاته.
ثانياً: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أجاز النيابة في الحج ولم يشترط أن يكون من بلده، ولو كان شرطاً لبيّنه.
ويشترط أيضاً أن يكون هذا النائب قد حج عن نفسه، لحديث ابن عباس (أَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ، قَالَ:" مَنْ شُبْرُمَةُ? " قَالَ: أَخٌ [لِي]، أَوْ قَرِيبٌ لِي، قَالَ:" حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ? " قَالَ: لَا. قَالَ: "حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَ أَحْمَدَ وَقْفُهُ، وهذا الصحيح أنه موقوف كما حكم بوقفه ابن المنذر وغيره، والصحيح أنه موقوف، لكن ما دل عليه هذا الموقوف هو الصحيح، لوجوه:
أولاً: أنه قول صحابي لم يثبت خلافه.
ثانياً: أنه الأصل، فالأصل أن يحج الإنسان عن نفسه قبل أن يحج عن غيره.
ثالثاً: أن الله قد خاطب هذا المكلف وأمره أن يؤدي هذا الفرض، فكيف يذهب يؤدي فرض غيره، والله قد خاطبه بنفسه (ولله على الناس .... ).