م/ قال: من غشنا فليس منا.
ذكر المصنف - رحمه الله - حديث أبي هريرة قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (من غشنا فليس منا) رواه مسلم، وجاء في رواية (من غش فليس مني) وهذا اللفظ أعم، لأن لفظ (من غشنا) معشر المسلمين.
الغش: لغة مأخوذ من الغَشَش وهو المشرب الكدِر، والمراد به عند الفقهاء: هو كتم عيب المبيع. والمراد بالعيب كل وصف يعلم من حال آخذه أنه لو اطلع عليه لم يأخذه بذلك الثمن الذي بذله.
مثال: كأن يكون في السلعة عيب فيكتمها البائع ولا يخبر به، وهذا غش.
• الحديث دليل على تحريم الغش في البيع والشراء، وأن الواجب على من يتعاطى البيع والشراء أن يتقي الله، وأن ينصح في المعاملة، وأن يحذر الخيانة والغش، وأن يبين عيب السلعة ويحرم كتمه.
وقد ثبت في الحديث عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلاً فَقَالَ «مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ». قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَىْ يَرَاهُ النَّاسُ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّى) رواه مسلم.
وقد قال -صلى الله عليه وسلم- عن البائع والمشتري (فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما).
ففي هذا الحديث وجوب الصدق والبيان في البيع والشراء.
فالصدق: أي فيما يصفان السلعة به من الصفات المرغوبة.
والبيان: أي فيما يصفان به السلعة من الصفات المكروهة.
مثال: لو باع شخص سيارة وقال: هذه السيارة جديدة ونظيفة، ومدحها بما ليس فيها، فهذا كذب.
مثال: وإذا باع السيارة وفيها عيب ولم يخبره بالعيب، فهذا كتم ولم يبيّن.
فالصدق والبيان سبب لحلول البركة، والكذب والكتمان سبب لمحق بركة البيع.