م/ وَيَمْسَحَ رَأْسَهُ مِنْ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ إِلَى قَفَاهُ بِيَدَيْهِ. ثُمَّ يُعِيدَهُمَا إِلَى اَلْمَحَلِّ اَلَّذِي بَدَأَ مِنْهُ مَرَّةً وَاحِدَةً.
ثم بعد غسل اليدين يمسح رأسه، وهو من فروض الوضوء.
لقوله تعالى: (وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ).
• قوله (مرة واحدة) فيه أن الرأس يمسح مرة واحدة، وهذا مذهب جمهور العلماء.
لحديث علي في صفة الوضوء: (ومسح برأسه واحدة). رواه أبو داود
حديث عثمان في الصحيحين في صفة الوضوء، وكذلك عبد الله بن زيد في الصحيحين لم يذكر أنه مسح رأسه ثلاثاً بخلاف بقية الأعضاء.
لم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- سنة صحيحة أنه مسح رأسه ثلاث مرات.
وذهب بعض العلماء، وهو مذهب الشافعية أنه يشرع التثليث في مسح الرأس.
لحديث عثمان: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- توضأ ثلاثاً ثلاثاً). رواه مسلم
والراجح الأول، ولأن المسح مبني على التخفيف فلا يقاس على الغسل.
قال أبو داود: " وأحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على أنه مسح رأسه مرة ".
• قوله (ويمسح رأسه) أن الرأس يمسح ولا يغسل، فلو غسله بدلاً من المسح لكان مكروهاً.
وذهب بعض العلماء إلى أنه لا يجزئه، لأنه خلاف أمر الله ورسوله.
• قوله (ويمسح رأسه) أي أنه يجب أن يستوعب جميع الرأس ولا يجزئ أن يمسح بعضه، وهذا هو المذهب وهو الصحيح.
لأن هذا هو الذي ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم ينقل عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه اقتصر على بعض الرأس.
ولأن الله تعالى ذكر مسح الرأس، ومسمى الرأس حقيقة هو جميع الرأس، فيقتضي وجوب مسح جميع الرأس.
قال ابن القيم رحمه الله: " لم يصح عنه حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض الرأس البتة ".
وذهب بعض العلماء إلى أنه يجزئ مسح بعض الرأس، واستدلوا بقوله تعالى: (وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ) قالوا: الباء للتبعيض.
والراجح الأول.
وأما الباء فليست للتبعيض وإنما هي للملاصقة.
قوله (ويمسح رأسه ثم يعيدهما إلى المحل … ) هذه صفة مسح الرأس، وهي الثابتة في حديث عبد الله بن زيد في الصحيحين قال: (بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما على قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه).
• والحكمة من مسح الرأس على هذه الصفة استيعاب جهتي الرأس بالمسح، لأن الشعر من جهة الوجه متجه إلى الوجه، ومن جهة المؤخر متجه إلى القفاء.
• وهذه الصفة يستوي فيها الرجل والمرأة، لأن الأصل في الأحكام الشرعية أن ما ثبت في حق الرجال ثبت في حق النساء إلا بدليل يخصص.
• لو مسح رأسه بغير يده، كأن يمسحه بخرقة ونحوها؟ فالجواب: أن ذلك يجزئ عنه لحصول المسح بذلك.