م/ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ أَنَّهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ «اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلاَّ فَشَأْنَكَ بِهَا». قَالَ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ «لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ». قَالَ فَضَالَّةُ الإِبِلِ قَالَ «مَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا) متفق عليه.
معاني الكلمات:
اعْرِفْ عِفَاصَهَا: العفاص هو الوعاء الذي تكون فيه النفقة.
وَوِكَاءَهَا: الوِكاء هو الخيط الذي يشد به العفاص.
وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بمعرفة ذلك لأمرين:
الأمر الأول: لأجل أن يميزها من بين ماله، فلا تلتبس بماله.
الأمر الثاني: لأجل أن يعرف صدق واصفها من كذبه.
ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً: هذا أمر بالتعريف، وسبق معنى التعريف.
فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا: جاء في رواية (فأدِّها إليه) وذلك بعد معرفة صفاتها.
وَإِلاَّ فَشَأْنَكَ بِهَا: أي: وإن لم يأت صاحبها فتصرف فيها.
قَالَ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ: أي: ما حكمها؟ الضالة: أكثر ما يطلق على الحيوان، والضال: المال الضائع.
قَالَ: لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ: أو هنا للتقسيم والتنويع، أي أن الشاة لا تخرج عن هذه الأقسام الثلاثة، فهي إما لك: أيها المخاطب تأخذها وتنتفع بها. أو لأخيك: المراد أخوة الدين.
قَالَ فَضَالَّةُ الإِبِلِ: أي ما حكمها؟
قَالَ: مَا لَكَ وَلَهَا: هذا استفهام إنكاري، والمعنى: مالك ولها، لماذا تأخذها والحال أنها مستقلة بأسباب تمنعها من الهلاك، بدليل قوله (معها سقاؤها وحذاؤها ...... ). ويدل على أن هذا الاستفهام إنكاري ما جاء في رواية ( ..... فغضب النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى احمرت وجنتاه أو احمر وجهه فقال: مالك ولها).
مَعَهَا سِقَاؤُهَا: السقاء هو جوفها الذي يحمل الماء.
وَحِذَاؤُهَا: الحذاء هو خفها.
قال العلماء: وفي هذا تنبيه من النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أن الإبل غير محتاجة إلى الحفظ بما ركب الله في طباعها من الجلادة على العطش وتناول الماء بغير تعب لطول عنقها وقوتها على المشيء.
حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا: أي صاحبها الذي أضلها.
• الحديث دليل على اباحة التقاط اللقطة وأخذ الضالة ما لم تكن إبلاً، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أجاب السائل على سؤاله وأمره بمعرفة العفاص والوكاء، ولو كان الالتقاط منهياً ما أجابه النبي -صلى الله عليه وسلم-.