م/ فَهَذَا كِتَابٌ مُخْتَصَرٌ فِي اَلْفِقْهِ، جَمَعْتُ فِيهِ بَيْنَ اَلْمَسَائِلِ وَالدَّلَائِلِ; وَاقْتَصَرْتُ فِيهِ عَلَى أَهُمِّ اَلْأُمُورِ، وَأَعْظَمِهَا نَفْعًا، لِشِدَّةِ اَلضَّرُورَةِ إِلَى هَذَا اَلْمَوْضُوعِ، وَكَثِيرًا مَا أَقْتَصِرُ عَلَى اَلنَّصِّ إِذَا كَانَ اَلْحُكْمُ فِيهِ وَاضِحًا; لِسُهُولَةِ حِفْظِهِ وَفَهْمِهِ عَلَى اَلْمُبْتَدِئِين لِأَنَّ اَلْعِلْمَ: مَعْرِفَةُ اَلْحَقِّ بِدَلِيلِهِ.
وَالْفِقْهَ: مَعْرِفَةُ اَلْأَحْكَامِ اَلشَّرْعِيَّةِ اَلْفَرْعِيَّةِ بِأَدِلَّتِهَا مِنْ اَلْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَالْإِجْمَاعِ، وَالْقِيَاسِ اَلصَّحِيحِ. وَأَقْتَصِرُ عَلَى اَلْأَدِلَّةِ اَلْمَشْهُورَةِ; خَوْفًا مِنْ اَلتَّطْوِيلِ، وَإِذَا كَانَتِ اَلْمَسْأَلَةُ خِلَافِيَّةً، اِقْتَصَرْتُ عَلَى اَلْقَوْلِ اَلَّذِي تَرْجَّحَ عِنْدِي، تَبَعًا لِلْأَدِلَّةِ اَلشَّرْعِيَّة.
فهذا كتاب مختصر في الفقه: المختصر: ما قلّ لفظه وكثر معناه.
والفقه: الفقه لغة الفهم ومنه قوله تعالى (يفقهوا قولي) وسيأتي تعريفه.
جَمَعْتُ فِيهِ بَيْنَ اَلْمَسَائِلِ وَالدَّلَائِلِ: المسائل جمع مسألة: وهي ما يحتاج إلى برهان، والدلائل جمع دليل: وهذا يشمل - عند العلماء الدليل النقلي والدليل العقلي.
وَاقْتَصَرْتُ فِيهِ عَلَى أَهُمِّ اَلْأُمُورِ، وَأَعْظَمِهَا نَفْعًا، لِشِدَّةِ اَلضَّرُورَةِ إِلَى هَذَا اَلْمَوْضُوعِ: أي أنه لم يستوعب جميع المسائل والأحكام، وإنما اقتصر على أهمها، واختار المسائل التي يعظم نفعها لضرورتها، لأن هذا الكتاب ألفه للمبتدئين في العلم.
وَكَثِيرًا مَا أَقْتَصِرُ عَلَى اَلنَّصِّ إِذَا كَانَ اَلْحُكْمُ فِيهِ وَاضِحًا; لِسُهُولَةِ حِفْظِهِ وَفَهْمِهِ عَلَى اَلْمُبْتَدِئِين: وهذه طريقة جميلة نافعة، وهي أن يورد النص على أنه حكم ومسألة، وهذا فيه فائدتين:
أولاً: معرفة الحكم الشرعي، ثانياً: معرفة الدليل.
لأن العلم معرفة الحق بدليلة: معرفة الدليل مهم جداً لطالب العلم.
• وفي معرفة الحكم بدليله لطالب العلم فوائد: أولاً: أنه يطمئن للحكم الشرعي، ثانياً: أنه يكون معه حجة من الله، ثالثاً: أنه يستطيع إقناع غيرهِ، رابعاً: أنه يعبد اللهَ على بصيرة وبرهان.
والفقه: معرفةُ الأحكام الفرعية بأدلتها من الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح.
واصطلاحاً: معرفة الأحكام الشرعية العملية بأدلتها التفصيلية
معرفة: يشمل العلم والظن، لأن إدراك الأحكام الشرعية بعضه علمي وبعضه ظني.
فمعرفة الصلوات الخمس هذا علم، ومعرفة أن الوتر سنة على مذهب الجمهور، هذا ظن.
الأحكام الشرعية: المراد الأحكام المتلقاة من الشرع، خرج بذلك الأحكام العقلية، كمعرفة أن الكل أكبر من الجزء، وكمعرفة أن الواحد نصف الاثنين، والأحكام الحسية كمعرفة أن النار حارة، والعادية كنزول المطر بعد الرعد والبرق.
الفرعية: كالصلاة والحج والبيوع … الخ، فخرج بذلك المسائل العملية كالتوحيد.