والذهاب بالشيء كالمرور به، والظلمة معروفة ونقيضها الضياء. والمعنى في الآية أن مثل المنافقين مثل قوم كانوا في ظلمة فأوقدوا ناراً، فلما أضاءت النار ما حولها أطفأها الله وتركهم في ظلمات لا يبصرون، فالظلمة الأولى التي كانوا فيها الكفر، واستيقادهم النار قولهم:(لا إله إلا الله محمد رسول الله) ، فلما أضاءت لهم ما حولهم واهتدوا، خلو إلى شياطينهم، فنافقوا وقالوا إنما نحن مستهزؤون، فسلبهم الله نور الإيمان وتركهم في ظلمات الكفر لا يبصرون.
ثم ضرب لهم مثلاً آخر شبيهاُ بهذا، فقال:(أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ)[البقرة: ١٩] ، والصيب: المطر، والظلمة: ظلمة الليل، وظلمة السحاب، والرعد دليل على شدة ظلمة الصيب وهوله. أراد: أو مثل قوم في ظلمات ليل ومطر، فضرب الظلمات لكفرهم مثلاً، والبرق لتوحيدهم مثلاً. (أَوْ) ها هنا الإباحة، أي: إن شبهتهم بالمثل الأول كنت مصيباً، وإن شبهتهم بالمثلين فكذلك أيضاً.