للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل:

ومما يسأل عنه أن يقال: كيف شبه المنافقين وهم جماعة بالذي استوقد ناراً وهو واحد؟

وفي هذا ثلاثة أجوبة:

أحدها: أن يكون (الذي) في معنى الجميع كما قال تعالى: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [الزمر: ٣٣]

وكما قال الشاعر:

وإن الذي حانت بفلج دماؤهم هم القوم كل القوم يا أم خالد

والثاني: أن تجعل النون محذوفة من الذي، والأصل عنده (الذين) كما حذفها الأخطل في التثنية وذلك قوله:

أبني كليب إن عمى اللذا قتلا الملوك وفككا الأغلالا

ومنهم من أنكر ذلك في الآية وحمله على أن (الذي) اسم مبهم كـ (من) يصلح أن يقع للجميع ويصلح أن يقع للواحد كما قال: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) [الأنعام: ٢٥]

وقال في موضع آخر:

(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) [يونس: ٤٢] فأخرج الأول على اللفظ، والثاني على المعنى وهذا وجه حسن، وقد ذكر أن (الذي) يأتي في معنى (الذين) الأخفش وغيره، فهذان وجهان: الأول منهما على حذف النون، والثاني على أنه اسم مبهم يقع للواحد والجمع.

والثالث: أن يكون الكلام على حذف كأنه قال: مثلهم كمثل أتباع الذي أستوقد ناراً ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه قال الجعدي:

فكيف تواصل من أصبحت خلالته كأبي مرحب

<<  <   >  >>