الحارث. فلما رآها مُقبلة قال: ما وراءك يا عصام؟ قالت: صرَّح المحضُ عن الزُبْدة. رأيت جبهة كالمرآة المصقولة يَزيُنها شعرٌ حالِكٌ كأذناب الخيل، إن أرسلته خلته سلاسل، وإن مشطته قلت: عناقيدُ جلاها الوابِل. وحاجبين كأنهما خطَّا بقلم، أو سُوِّدا بحُمَم، تقوَّسا على مثل عين الظبيَةِ العَبْهَرة. بينهما أنفٌ كَحدِّ السيْفِ المَصقُول، حَفَّتْ به وجنتان كالأرجوان في بياضٍ كالجُمان، شَقَّ فيه كالخاتم لذيذ المبسِم، فيه ثنايا غُرٌّ، ذاتُ أشُرٍ. تُقَلِّبُ فيه لِساناً بفصاحة، وبيانٍ بَعَقلٍ وافرٍ وجوابٍ حاضِرٍ، تلتقي دونه شفتان حمَّاتان تحْلُبان رِيقاً كالشّهد، ذلك في رقبة بيضاء كالفضة، رُكِّبَت في صدرٍ كصدر تمثال دُمية، وعضدان مُدمجانِ، يتصل بهما ذراعان، ليس فيهما عظْمٌ يُمَسُّ ولا عِرقٌ يُجَسُّ، رُكِّبَت فيهما كَفَّان دقيقٌ قصبهما، ليِّنٌ عصبهُما. يُعقَد إن شئت منهما الأنامل. نَتأَ في ذلك الصدر ثديان كالرمانتين يخرقان عليها ثيابها. تحت ذلك بطن طُوِي كطَيِّ القَباطيِّ المُدْمَجة، كُسِيَ عُكَناً كالقراطيس المُدرجة، تحيطُ تلك العُكن بِسُرَّةٍ كالمُدْهُن المجلُو. خلف ذلك ظهرٌ فيه كالجداول، ينتهي ذلك إلى خصرٍ لولا رحمة الله لانْبَتََر. لها كَفَلٌ يُقْعِدها إذا قامت، ويُقيمها إذا قعدت، كأنه دِِعْصُ الرمل لبَّدَه سقوط الطَّلّ. تحملها فخذان لَفَّاوان كأنهما قُفِلَتا على نَضَدِ جُمان، تحتهما ساقان خَدْلتان كالبرْدِيَّتين