في السجن بعذاب يشغله عنك. فأمر به فبطح على وجهه، ثم وتد في يديه ورجليه أربعة أوتاد، ثم بنى عليه أسطوان من رخام. فظل يومه في ذلك.
فلما كان الليل أرسل الله جل وعز إليه ملكاً فقلع ذلك عنه وأخرجه من السجن فأطعمه وسقاه، وقال له: اصبر فإن الله تعالى قد جعلك سيد الشهداء يوم القيامة، وقال إني مبتليك سبع سنين يعذبك فيها ويقتلك أربع قتلات كل ذلك أرد روحك إليك وأظهرك بالحجة عليه، لعله يتذكر أو يخشى. فإذا كانت الرابعة وفيتك أجرك، وأعطيتك على قدر ما أصابك.
فأقبل فدخل على الملك فقال له: يا جرجس من أخرجك؟ قال: من ملكه فوق ملكك وسلطانه فوق سلطانك؛ وإذا شاء حال بينك وبين قلبك ولسانك! فأمر به فوضع على مفرق رأسه ميشار فنشر حتى سقط بين يديه نصفين، ثم أمر به فقطع قطعاً، وله أسد ضارية فأمر بإلقائه غليها. فلما رمى نحوها خضعت الأسد وطأطأت رؤوسها وظهورها فكانت بينه وبين الأرض يومه. وجمع الله لحمه.
فلما كان الليل رد الله جل وعز عليه روحه وأطعمه وسقاه، فلم يشعر الملك وأصحابه حقاً وبئس القوم أنتم! فقالوا: هذا ساحر فاجمع السحرة. فدعا الملك بالسحرة، فلما رأوه قروا له وقالوا: ليس هذا من عمل السحر. ولم يزل الملك يعذبه بأنواع العذاب.
فلما انقضت السنون السبع دعا جرجس ربه أن لا يقبض روحه حتى يحرق القرية الظالمي أهلها. فلما فرغ من دعائه أمطر الله عليهم ناراً من السماء. فلما حسوا بالبلاء بادروا إليه فقتلوه ضرباً بالسيوف ليكومه الله جل وعز بأجر فعلهم.