للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنّ العبد قد يعزم عَلَى الرضا بالقضاء قبل وقوعه، فَإِذَا وقع انفسخت تلك العزيمة.

فمن رضي بعد وقوع القضاء، فهو الراضي حقيقة.

وفي الجملة: فالصبر واجب لابد منه، وما بعده إلا السخط، ومن سخط أقدار الله فله السخط مع ما يتعجل له من الألم وشماتة الأعداء به أعظم من جزعه، كما قال بعضهم:

لا تجزعن من كل خطب عرا ... ولا ترى الأعداء ما يشمتوا

يا قوم بالصبر ينال المنى ... إذا لقيتم فئة فاثبتوا (*)

وقال النبي صلّى الله عليه وسلم:

"من يتصبر يصبره الله، وما أُعطي أحد عطاءً خيرًا ولا أوسع من الصبر" (١).

وقال عمر: وَجدنا خير عيشنا بالصبر (٢).

وقال علي: إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا إيمان لمن لا صبر له (٣).

وقال الحسن: الصبر كنز من كنوز الجنة، لا يعطيه الله إلا لمن كرم عليه.

وقال ميمون بن مهران: ما نال أحد شيئًا من جسيم الخير، نبي فمن دونه إلا بالصبر.

وقال إبراهيم التيمي: ما من عبد (وهبه الله) (**) صبراً عَلَى الأذى،


(*) فاصبروا "نسخة".
(١) أخرجه البخاري (١٤٦٩)، ومسلم (١٠٥٣).
(٢) علقه البخاري (١١/ ٣٠٩) وقال الحافظ في "الفتح": وقد وصله أحمد في "كتاب الزهد" بسند صحيح عن مجاهد قال: قال عمر -إِلَى قوله- وأخرجه الحاكم من رواية مجاهد عن سعيد بن المسيب عن عمر ... الخ.
وأخرجه ابن المبارك في الزهد (٦٣٠) ووكيع في الزهد (١٩٨).
(٣) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (١/ ٧٥ - ٧٦).
(**) وهب الله له: "نسخة".