للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي " الصحيحين " (١) عن ابن أبي أوفى "أنّه سئل: هل وصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء؟ قال: وَصَّى بِكِتَابِ اللهِ ".

وخطب -صلى الله عليه وسلم- في مرجعه من حجة الوداع فَقَالَ:

"إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَنِي رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَهُ، وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: أَوَّلَهُمَا: كِتَابُ اللَّهِ، فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ، مَنِ اسْتَمْسَكَ بِهِ وَأَخَذَ بِهِ كَانَ عَلَى الهُدَى وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ" خرَّجه مسلم (٢).

وفي "المسند" (٣) عن عبد الله بن عمرو قال: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا كَالْمُوَدِّعِ، فَقَالَ: "أَنَا النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ " -قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- "وَلَا نَبِيَّ بَعْدِي، أُوتِيتُ فَوَاتِحَ الْكَلِمِ وَجَوَامِعَهُ، وَعَلِمْتُ كَمْ خَزَنَةُ النَّارِ وَحَمَلَةُ الْعَرْشِ، وَعُوفِيتْ أُمَّتِي، فَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا مَا دُمْتُ فِيكُمْ؛ فَإِذَا ذُهِبَ بِي فَعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللهِ، أَحِلُّوا حَلَالَهُ وَحَرِّمُوا حَرَامَهُ".

قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ".

يريد أنّهم لم يورث عنهم سوى العِلْم، وهذا يبين المراد بقوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} (٤).

وقوله تعالى عن زكريا أنّه قال: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} (٥).

إنما أريد به ميراث العِلْم والنبوة لا المال؛ فإن الأنبياء لا يجمعون مالاً يتركونه.


(١) أخرجه البخاري (٥٠٢٢)، ومسلم (١٦٣٤).
(٢) برقم (٢٤٠٨).
(٣) (٢/ ١٧٢).
(٤) النمل: ١٦.
(٥) مريم: ٤ - ٥.