للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال عليه السلام: "مَا تَرَكْتُ بَعْدَ مُؤْنَةِ عَامِلِي وَنَفَقَةِ عِيَالِي فَهُوَ صَدَقَةٌ" (١).

"وَمَا تَرَكَ إِلاَّ دِرْعَهُ وَسِلاَحه وَبَغْلَتَهُ البَيْضَاءَ وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً" (٢).

فلم يخلف سوى آلته الَّذِي بعث به، والأرض التي كان يقتات منها هو وعياله، ردها صدقة على المسلمين.

وكل هذا إشارة إلى أن الرسل لم تبعث بجمع الدنيا وتوريثها لأهليهم، وإنما بعثوا بالدعوة إلى الله والجهاد في سبيله والعلم النافع وتوريثه لأممهم.

وفي مراسيل أبي مسلم الخولاني، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَا أَوْحَى اللهُ إِلَيَّ أَنْ أَجْمَعَ المَالَ وَأَكُنْ مِنَ التَّاجِرِينَ، وَلَكِنْ أَوْحَى إِلَيّ: أَنْ سَبّحَ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ، وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ" خرجه أبو نعيم (٣).

وفي الترمذي (٤) وغيره عن ابن مسعود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:

"مَا لِي وَلِلدُّنْيَا؟! إنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ بِظِلِّ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا".

فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ". فيه إشارة إلى أمرين:

أحدهما: أن العالم الَّذِي هو وارث للرسول حقيقة، كما أنّه ورث علمه فينبغي أن يورثه كما ورث الرسول العِلْم، وتوريث العالم العِلْم هو أن يخلفه بعده بتعليم أو تصنيف، ونحو ذلك مما ينتفع به بعده.

وفي " الصحيح " (٥) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا مَاتَ العبدُ انْقَطَعَ عَمَلُه إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: عِلْمٍ نَافِعٍ، أَوْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ".


(١) أخرجه البخاري (٣٠٩٦)، ومسلم (١٧٦٠) من حديث أبي هريرة.
(٢) أخرجه البخاري (٢٧٣٩) من حديث عمرو بن الحارث.
(٣) في "الحلية" (٢/ ١٣١).
(٤) برقم (٢٣٧٧).
(٥) أخرجه مسلم (١٦٣١).