وكان أصحاب ابن مسعود إذا رأوا قومًا عَلَى ما يُكره يَقُولُونَ لهم: مهلاً مهلاً بارك الله فيكم.
ورأى بعض التابعين رجلاً واقفًا مع امرأة فَقَالَ لهما: إن الله يراكما، سترنا الله وإياكما.
ودُعي الحسن إِلَى دعوة، فجيء بآنية فضة فيها حلواء، فأخذ الحسن الحلواء فقلبها عَلَى رغيف وأكل منها، فَقَالَ بعض من حضر: هنا نهيٌ في سكون.
ورأى الفُضيل رجلاً يعبث في صلاته فزبره، فقال له الرجل: يا هذا! ينبغي لمن يقوم لله أن يكون ذليلاً. فبكى الفضيل، وقال له: صدقت.
قال شعب بن حرب: ربما مرَّ سفيان الثوري بقوم يلعبون الشطرنج، فيقول: ما يصنع هؤلاء؟ فيقال له: يا أبا عبد الله ينظرون في كتاب. فيُطأطئ رأسه ويمضي، وإنَّما يريد بذلك ليُعلم أنه قد أنكر.
وقال سفيان: لا يأمرُ بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلا من كان فيه خصال ثلاث: رفيق بما يأمر، رفيق بما ينهى، عدل بما يأمر، عدل بما ينهى، عالم بما يأمر، عالم بما ينهى.
وقال الإمام أحمد: الناس يحتاجون إِلَى مداراة ورفق في الأمر بالمعروف بلا غلظة إلا رجلاً معلنًا بالفسق فإنَّه لا حرمة له.
وكان كثير من السَّلف لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلا سرًّا فيما بينه وبين من يأمره وينهاه.
وقالت أم الدرداء: من وعظ أخاه سرًّا فقد زانه، ومن وعظه علانية فقد شأنه (١).
وكذلك مقابلة الأذى بإلانة القول كما قال تعالى:{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[فصلت: ٣٤]، وقال تعالى:{وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ}