للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان في تلك الأيام رجل من الصحابة نائمًا، فأتاه آتٍ في منامه فَقَالَ له: قم! فاسأل الله أن يعيذك من الفتنة التي أعاذ منها صالح عباده، فقام فتوضأ وصلى، ثم اشتكى ومات (بعد قليل) (*).

وقد رُوي عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنَّه قال لرجل: "إذا مت أنا وأبو بكر وعمر وعثمان فإن استطعت أن تموت فمت" (١)، وهذا إشارة إِلَى هذه الفتن التي وقعت بمقتل عثمان رضي الله عنه.

والدعاء بالموت خشية الفتنة في الدين جائزٌ، وقد دعا به الصحابة والصالحون بعدهم، ولما حج عمر رضي الله عنه آخر حجة حجها استلقى بالأبطح ثم رفع يديه وقال: اللهم إنه قد كبرت سني، ورق عظمي، وانتشرت رعيتي، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفتون. ثم رجع إِلَى المدينة فما انسلخ الشهر حتى قتل رضي الله عنه (٢).

ودعا علي ربه أن يريحه من رعيته حيث سئم منهم فقتل عن قريب.


(*) عن قريب: "نسخة".
(١) أخرجه العقيلي في الضعفاء (٢/ ١٦٥ - ١٦٦)، وابن عدي في الكامل (٤/ ٣٥١ - علمية)، وابن حبان في المجروحين (١/ ٣٤١) من طريق سلم بن ميمون الخواص ثنا سليمان بن حيان حدثني إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن سهل بن أبي حثمة ... فذكره.
قال العقيلي عن سلم: حدث بمناكير لا يتابع عليها ثم ذكر هذا الحديث منها.
وقال ابن حبان عنه: من عباد أهل الشام وقرائهم ممن غلب عليه الصلاح حتى غفل عن حفظ الحديث وإتقانه، فربما ذكر الشيء بعد الشيء ويقلبه توهمًا لا تعمدًا، فبطل الاحتجاج بما يروي إذا لم يوافق الثقات.
وقال ابن عدي عنه: روى عن جماعة ثقات ما لا يتابعه الثقات عليه، أسانيدها ومتونها ثم ذكر هذا الحديث وقال: ولسلم الخواص أحاديث، وهذا الحديث لا يرويه عن سليمان بن حيان غير سلم الخواص، وله غير ما ذكرت أحاديث معلومة الإسناد والمتن، وهو في عداد المتصوفة الكبار، وليس الحديث من عمله، ولعله كان يقصد أن يصيب، فيخطئ في الإسناد والمتن، لأنه لم يكن من عمله.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ (٢/ ٨٢٤) وأبو نعيم في الحلية (١/ ٥٤).