للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال علي بن خشرم: سمعت منصور بن عمار يقول: تكلمت يومًا في المسجد الحرام، فذكرت شيئًا من صفة النار، فرأيت فضيل بن عياش صاح حتى غشي عليه وطرح نفسه.

وفي "الحلية" لأبي نعيم، أن علي بن فضيل صلّى خلف إمام قرأ في صلاته سورة الرحمن، فلما سلم، قيل لعلي: أما سمعت ما قرأ الإمام: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [الرحمن: ٧٢] فَقَالَ: شغلني عنها ما قبلها: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ (١) مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ} [الرحمن: ٣٥].

وقال ابن أبي ذئب: حدثني من شهد عمر بن عبد العزيز -وهو أمير المدينة- وقرأ عنده رجل: {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} (٢) [الفرقان: ١٣] فبكى عمر حتى غلبه البكاء وعلا نشيجه، فقام من مجلسه، ودخل بيته، وتفرق الناس.

وقال أبو نوح الأنصاري: وقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين وهو ساجد، فجعلوا ينادونه: يا ابن رسول الله صلّى الله عليه وسلم النار، فما رفع رأسه حتى أطفئت، فقِيلَ لَهُ: ما الَّذِي ألهاك عن النار؟ قال: النار الأخرى.

قال أحمد بن أبي الحواري: سمعت أبا سليمان يقول: ربما مثل لي رأسي بين جبلين من نار، وربما رأيتني أهوي فيها حتى أبلغ قرارها، فكيف يهنأ الدُّنْيَا من كانت هذه صفته؟

قال أحمد: وحدثني أبو عبد الرحمن الأسدي، قال: قلت لسعيد بن عبد العزيز: ما هذا البكاء الَّذِي يعرض لك في الصلاة؟ فَقَالَ: يا ابن أخي وما سؤالك عن ذلك؟ قلت: يا عم لعل الله أن ينفعني به، قال: ما قمت في صلاتي إلا مثلت لي جهنم.

وقال سرار أبو عبد الله: عاتبت عطاء السلمي في كثرة بكائه، فَقَالَ: يا


(١) أي: لهب خالص لا دخان فيه.
(٢) أي: هلاكًا، فقالوا: واثبوراه.