للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والبخل هو إمساكُ الإنسان ما في يده.

والشُّحَّ: تناولُ ما ليس له ظلمًا وعدوانًا من مالٍ أو غيره، حتَّى قيل: إنَّه رأسُ المعاصي كلُّها.

وبهذا فسَّر ابنُ مسعودٍ وغيره من السَّلفِ الشحَّ والبخلَ.

ومن هنا يُعلمُ معنى حديث أبي هريرةَ رضي الله عنه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يجتمعُ الشحُّ والإيمانُ في مؤمنٍ" (١).

والحديثُ الآخرُ عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنّه قالَ: "أفضلُ الإيمانِ الصَّبرُ والسماحةُ" (٢).

وَفُسِّر الصبرُ بالصبرِ عن المحارم، والسماحةُ بأداءِ الواجباتِ.

وقد يُستعملُ الشحُّ بمعنى البخلِ وبالعكسِ، لكنَّ الأصلَ هو التفريقُ بينهما عَلَى ما ذكرناه.

ومتى وصلَ الحرصُ عَلَى المالِ إِلَى هذه الدرجة، نقص بذلك الدينُ والإيمانُ نقصًا بيِّنًا فِإنَّ مَنْعَ الواجباتِ وتناولَ المحرماتِ ينقصُ بهما الدين والإيمانُ بلا ريبٍ حتى لا يبقى منه إلا القليل جدًّا.

وأمَّا حرصُ المرءِ عَلَى الشَّرفِ فهذا أشدُّ (هلاكًا) (*) من الحرص عَلَى المال فإِنَّ طلبَ شرفِ الدُّنْيَا والرفعةِ فيها، والرياسةِ عَلَى النَّاسِ والعلو في الأرض أضرُّ


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٢٥٦، ٤٤١، ٤٤٢)، والنسائي (٦/ ١٣ - ١٤).
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ٣٨٥)، وابن ماجه (٢٧٩٤) من حديث عمرو بن عبسة.
وأخرجه أحمد (٥/ ٣١٨) من حديث عبادة بن الصامت.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (٦/ ٥٣٠)، والحاكم في "المستدرك" (٣/ ٦٢٦) من حديث عمير بن قتادة الليثي.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (١١/ ٣٣)، وابن عدي في "الكامل" (٧/ ١٥٥) من حديث جابر.
(*) إهلاكًا: "نسخة".