للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَه اشترط أنَّه من سبه أو لعنه أو ضربه في غضب ونحوه، أنَّه يكون له كفارة وصلاة (١). وفي رواية: وهو غير مُستحق.

وهذا إِنَّمَا يكون إذا ظن استحقاقه لذلك، ثم تبين أنه غير مستحق.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: " {أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} ".

مأخوذٌ من دعاء يُوسف عليه السلام حين قال: {فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} (٢) الآية، والله عزَّ وجلَّ وفي أوليائه في الدُّنْيَا والآخرة، يتولَّى حفظَهم وكلاءتهم وهدايتهم وحراستَهم، في دينهم ودنياهم ما (داموا) (*) أحياء، فَإِذَا حضرهم الموتُ توفَّاهم عَلَى الإسلام، وألحقهم بعد الموت بالصالحين.

وهذا أجلُّ النعم وأتمها عَلَى الإطلاق؛ وقد قال رسولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- عند وفاته:

" {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} " (٣).

وقول يوسف عليه السلام: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} (٤) قيل: إنَّه دعا لنفسه بالموت، وهو قولُ جماعة من السلف، منهم الإمام أحمد.

فَيُستدل به عَلَى جواز الدعاء بالموت من غير ضر نزل به.

وقيل: إنَّه إِنَّمَا دعا لنفسه بالموت عَلَى الإسلام عند نزول الموت، وليس فيه دعاءٌ بتعجيل الموت كما أخبر عن المؤمنين أنهم قالوا في دُعائهم: {فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} (٥) ويؤيِّد التفسير الأوّل: أنَه عقَّبه بالدعاء بالشوق إِلَى لقاء اللَّه، وهو يتضمَّن الدعاء بالموت.


(١) أخرجه أحمد (٦/ ٤٥)، ومسلم (٢٦٠٠) من حديث عائشة، وأخرجه أحمد (٢/ ٣٩٠، ٤٨٨، ٤٩٦) " (٣/ ٤٠٠)، ومسلم (٢٦٠١) من حديث أبي هريرة، وأخرجه أحمد (٣/ ٣٣٣، ٣٨٤، ٣٩١، ٤٠٠)، ومسلم (٢٦٠٢) من حديث جابر، وأخرجه أحمد (٤/ ٤٥٤) من حديث سودة امرأة أبي الطفيل.
(٢) يوسف: ١٠١.
(*) كانوا: "نسخة".
(٣) أخرجه البخاري (٤٥٨٦)، ومسلم (٢٤٤٤) [٨٦] من حديث عائشة.
(٤) يوسف: ١٠١.
(٥) آل عمران: ١٩٣.