للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا امتلأت القلوبُ بالرضا عن المحبوب، صار رضاها في ما يرد عليها من أحكامه وأقداره.

قال عُمر بن عبد العزيز: أصبحتُ وما لي سرور إلاَّ في مواقع القضاء والقدر.

دخلوا عَلَى بعض التابعين في مرضه، فَقَالَ: أحبه إلي أحبه إِلَيْهِ.

إِنْ كان (سركم) (*) ما قد بُليت به ... فما لجرحٍ إذا أرضاكم ألم

حشب سُلطان الهوى أنه يُلذ كلَّ ما يؤلم.

وربَّما اختار بعض (المحبين) (**) الذُّلَّ عَلَى العزِّ، والفقر عَلَى الغنى، والمرضَ عَلَى الصحة، والموت عَلَى الحياة.

عزّي ذُلي وصحتي في سقمي ... يا قوم رضيتُ في الهوى سفك دمي

عُذّاليَ كفُّوا فمن ملامي ألمي ... من بات عَلَى (مواعد اللقا) ( ... ) لم ينم

وإنَّما قال - صلى الله عليه وسلم -: "الرضا بعد القضاء" لأنّ ذلك هو الرضا حقيقة.

وأما الرضا بالقضاء قبل وقوعه فهو عزمٌ عَلَى الرضا، وقد تنفسخ العزائم (عند) ( ... ) وقوع الحقائق.

ومع هذا فلا ينبغي أن يستعجل العبدُ البلاءَ؛ بل يسأل الله العافية؛ فإنْ نزل البلاء تلقَّاه بالرضا.

قُتل لبعضهم ولدان في الجهاد، فجاءه الناسُ يعزّونه بهما فبكى، وقال: ما أبكي عَلَى قتلهما، ولكن كيف كان رضاهما عن الله حين أخذتهما السيوف!

إِنْ كان سكّان الغصا ... رضوا بقتلي فرضا

والله ما كنت لما ... يهوي الحبيب مُبغضا

صرت لهم عبدًا وما ... للعبد إِنْ يعترضا

من لمريض لا يرى ... إلاَّ الطبيب المُمرضا


(*) سروركم: "نسخة".
(**) الصالحين: "نسخة".
( ... ) مواعيد اللقاء: "نسخة".
(****) مع: "نسخة".