للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يريحني إليك الشوقُ حتى ... أميل من اليمين إِلَى الشمال

ويأخذني لذكركم رياح ... كما نشط الأسير من العقال

أهل الشوق عَلَى طبقتين:

أحدهما: من أقلقه الشوقُ ففني اصطبارُه؛ كان أبو عُبيدة الخوَّاص يمشي ويضرب عَلَى صدره، ويقول: واشوقاه إِلَى من يراني ولا أراه.

كان داود الطائي يقول بالليل: همُّك عطَّل عَلَيَّ الهموم، وخالف بيني وبين السهاد، وشوقي إِلَى النظر إليك أوبق مني اللذات، وخالف بيني وبين الشهوات، فأنا في سجنك أيها الكريم مطلوب.

أحبابي أمَّا جِفن عيني فمقروح ... وأمَّا فؤادي فهو بالشوق مجروح

يذكرني مرُّ النسيم عهودكم ... فأزداد شوقًا كلّما هبت الريحُ

أراني إذا ما أظلم الليلُ أشرقت ... بقلبي من نارِ الغرام مصابيح

أصلي بذكراكم إذا كُنت خاليًا ... ألا إِنَّ تذكار الأحبَّة تسبيح

الطبقةُ الثانية: من إذا أقلقهم الشوقُ سكَّنهم الأُنس باللَّه، فاطمأنت قلوبُهم بذكره، وأنسوا بقُربه.

وهذه حالُ الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخواص العارفين من أمته.

وسُئل الشَّبلي: بماذا تستريح قلوبُ المحبّين والمشتاقين؟ فَقَالَ: بسرورهم بمن أحبُّوه واشتاقوا إِلَيْهِ.

أموت إذا ذكرتُك ثم أحيا ... ولولا ما أؤمل ما حييتُ

فأحيا بالمنى وأموت شوقًا ... فكم أحيا عليك وكم أموت